اقبضوا عليها!
تسلّلتُ بهدوءٍ خارج غرفةِ لجنة المسابقات، تنفّستُ الصّعداء وهندمتُ شكلي، مشيتُ إلى غرفتي وبراءة العالم كلّها مرسومةٌ على وجهي، وعندما دخلتُ تأكدتُ أنّني أغلقتُ الباب، رقصتُ بفرحةٍ كالهنود الحمر، الآن يمكنني أنْ أزفّ الخبر كاملًا دون أنْ يُمسكني أحدٌ!
عدّلت الكاميرا الموضوعة في زاوية غرفتي، شغّلتها وتحدّثتُ بسلاسةٍ في البداية، ثمّ ضربتُ بهيبتي عرض الحائط في نهاية كلامي: «أهلًا وسهلًا بكم أيّها الأعزاء، جاءتكم جوليا مِنْ جديدٍ.
اشتقتُ لكم كثيرًا! وأعلم أنّكم اشتقتم إلى أخباري الحصرية الجميلة مثلي، التي أجلبُها لكم في كلِّ مرّةٍ، وها قد عدتُ ومعي آخر الأخبار، شيئان رائعان ومحمّسان! تسللتُ -كالعادة- إلى غرفة لجنة المسابقات وسمعتُ الخبرين، ولم أستطع تمالك نفسي، سأخبركم بهما قبلهم وأحصلُ على الأفضلية!
أ تحمّستم؟ احزروا ما هما احزروا!»
سكتُّ قليلًا وكأنّ أحدًا سيجيبني، ثمّ ضربتُ جبيني وضحكتُ بتوترٍ، أنا لستُ غبيةً كي أنتظر مِن الكاميرا أنْ تجيبني، أنا فقط متحّمسةٌ جدًّا، وأكملتُ: «أوّلُ خبرٍ معنا لليوم هو إعلانٌ عن دخولِ المشاركين إلى سيرفر المسابقةِ منذ مدّةٍ، فقد عمل الأعضاءُ المعنيين بالمسابقةِ على تقييم أعمال المشاركين بدقّةٍ، وقبلوا الأعمال الّتي استوفت جميع الشّروط، كما وسمعتُ أنّهم انتهوا مِن ثلاث مراحل، ففي المرحلةِ الأولى اختاروا قضيّةً كي يعملوا عليها، وحدّدوا الفئة التي سينتمي إليها العمل، وخطّطوا تخطيطًا بسيطًا للشخصيات ولبعض الأحداث الرّئيسةِ في الرّواية، جمعوهم في ملّفٍ وسلّموه.
أمّا المرحلة الثّانية فقد كتبوا فيها خمسة آلاف كلمةٍ، تتضمن النّبذة والمقدمة، وسلّموها أيضًا. والمرحلة الثّالثةُ سلّموا فيها خمسة آلاف كلمةٍ أخرى، وكذا في المرحلة الرابعة، بينما نحن الآن نسير ببطءٍ نحو الخاتمة.
أعتقدُ أنّ الجميع متحمّسون مثلي لمعرفة ما حدث خلال هذه المراحل، مِنْ معلوماتٍ جديدةٍ إلى مواقفَ مضحكةٍ، تريدون فضائح؟ إنّها مهمّتي أنا وأصدقائي! انتظرونا وسنأتيكُم بأجمل الفضائح في فصولٍ أخرى.
أمّا الخبر الجميلُ اللطيفُ الثّاني، هو أنّ اللجنة ستحيي فعاليةً مِن أجلكم! فعاليةٌ مفتوحةٌ أمام الجميع، يمكن أنْ يشارك فيها المشاركون في المسابقة، والمتابعون الّذين لم تتسنَّ لهم فرصة المشاركة أو هم لم يريدوا أصلًا.
والفعالية هي -أصوات طبولٍ عاليةٍ- فعالية رسمٍ!
كلّ ما عليكم فعله هو أنْ ترسموا رسمةً متعلقّةً بقضيّة الصّحة وما يندرج أسفلها مِن أفكارٍ ذكرناها لكم في الفصل الثّاني (بشارةُ خيرٍ)، سأجلبها لكم لأنّني أحبكم، وهم كالآتي:
- حياةُ مفرطي التّفكير.
- صدمات الطّفولة.
- التّلوّث البيئيّ وإنقاذُ البيئة.
- الانتقاصُ من أصحاب العِلل النّفسيّة وعدم مراعاة أصحابها.
- التّمييز ضدّ المعاقين.
- حياةُ النّاجين من الجرائمِ واضطرابات ما بعد الصّدمة.
- مشاكلُ التّكيف في وسطٍ جديد.
- اتهام النّاس بالكلام -الشّتائم- دون الاكتراثِ لمدى تأثيرِها على الشّخص الموجهة إليه -الّذي يكونُ بريئًا منها-.
- عدمُ حصولِ المعظم على تأمينٍ صحي في بلادهم.
- استهتارُ المجتمع بالمشاكلِ النّفسيّة كالاكتئاب.
- معالجةُ النّفايات والحفاظُ على البيئة.
- تأثيرُ وسائل التّواصل على حياة الإنسان.
لديكم الحرّية الكاملة لاختيار نوعية الرّسم الذي ستشاركون به، إن كان ورقيًّا أم إلكترونيًّا، جسّدوا القضيّة وبقوّة، وفقط أطلقوا العنان لخيالكم واجعلوه قبطان الرّحلة، ستبدعون، إننا نَثق بكم.
أمّا بخصوص المهلة الزمنيةِ التي سيعطونها لكم، فيسعدني إخباركم إنّ آخر يوم يمكنكم إرسال مشاركتكم فيه هو منتصف الليل مِن اليوم الثاني والعشرين مِن شهر ديسمبر/ كانون الأوّل.
أبدعوا لوحةً عظيمةً وضعوها في الاستمارة الموجودة في صندوق الوصف الخاص بالحساب.
والآن سأتطرقُ إلى أفضل جزءٍ! وهو الجزء الّذي ينتظره أغلبكم كما أنتظره أنا، أليس كذلك؟»
صفّقت بيدي بحماسةٍ شديدةٍ وتابعت: «الجوائز! أجل بالطبع سنعطي الرّابح جوائزَ عدّة، سيتمتعُ بالنعيم، وصدقًا لو كنت أعرف كيف أرسم لشاركت من أجل الجوائز… وهي: وضعُ اللّوحة في بدايةِ فصل الفعاليّة القادم، كما وسيتم نشرُها في حسابات الرّبيع، وسيتم عرضُها على موهوبي الرّبيع في الرّسم وسيكتبونَ لها نقدًا بسيطًا مِنْ خبرتهم في هذا المجال.
هيّا شاركوا، ماذا تنتظرون؟
أمّا أنا فأعدُكم أنّني سأبذل جهدي كي أتسلّل باحترافيةٍ أكثر… أعني أعدكُم أنْ أعود إليكم مرّةً أخرى وأنا حاملةٌ للكثير مِن الأخبار الجميلة مثلكم، أراكم لاحقًا أعزائي.»
أطفأتُ الكاميرا وتنهّدتُ، أخيرًا سأنشر خبري الحصري، وفجأةً وقبل أن أبدأ رقصةَ النّصر فُتح بابي بقوّةٍ، أعتقد أنّهم عرفوا بأمر تنصّتي، لكن كيف استطاعوا فتحه؟ يجب أنْ أكون أكثر حرصًا في المرة المقبلة، أما الآن، سأعاقب على ما يبدو…
نعم نعم..
معكم جوليا التي تهرب مِنْ مصيرها الأسود.
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro