Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

5|خطايا

«وما كان الله بتاركك حزينًا وحدك حتى لو ظننت أنت ذلك، تضرّعك إليه حزينًا يائسًا في دُجى الليل طالبًا الرحمة لن يضيع أبدًا.»

يا ابن آدم! لقد تفاقمت على كاهليك الذنوب، وكثرُت خطاياك... ألم يحِن الوقت بعد حتىٰ تعود لرُشدك وتُقلع عن فعل المعاصي؟ ألم تكتفي من خطاياك المُتراكمة، وروحك المُدنسة بالذنوب؟ ألم تتعب بعد؟ كفاك عِصيانًا، إن التوبة تُناديك فاذهب إليها، فإنها والله مُشتاقةٌ لك... سيمُرّ عُمرك هباءً دون أن تدري، حينها سيكون الأوان قد فات، وانتهت الفُرص.

أحيانًا ما يكون اليأس من رحمة الله هو أكبر الأسباب التي تُجبر الإنسان على التعمّق في خطاياه أكثر، وارتكاب الذنوب بصورةٍ مُتكررة وهو يعرف جيدًا أن ما يفعلهُ خطأ.

كان يسير في الشوارع بلا هُدًى بعدما افترق عن أصدقائه ككُل ليلة، يذهب بعد الساعة التاسعة إلى الحانةِ بأجرة يومه فيُنفقه فيها، ثُم يعود للمنزل في الرابعة فجرًا سكيرًا مُترنحًا، لكنه اليوم غَيّر وجهته وبات يمشي في الطُرق مُترنحًا إثر الخُمور التي تناولها دون وجهة مُحددة.

يشعر بالضياع ولا يعرف أي وجهةٍ يختار، نظر حوله بعد ساعة من المشي ليجد أنه واقفٌ أمام شاطئ البحر، تقدم للأمام قليلًا ثُم جلس على الشاطئ، حيثُ الأمواج تتلاطم لتُصدر ضجيجًا خفيفًا كان مُحببًا له.

أغمض عينيه وهو يشعر بهبوب النسيم إليه، ثُم فتحهما مُتأملًا البحر بأمواجه الساحرة، وهو يتساءل في نفسه عن سبب وجوده في الحياة إن كانت حياته هكذا، لا فائدة من وجوده حيًا.

يؤذي نفسه.. ويؤذي الآخرين معه أكثر، كُلّما مرّ يومٌ على وجودِهِ حيًا، يُسبب جروحًا غائرةً لمن حولِهِ يأسًا منهُ وحُزنًا عليه، أما من حلٍ لهذا الضياع، ألم يكفيه هذا.. حان وقت الرجوع لطريق الصواب.. لكن لا يعرف كيف، كلما حاول الرجوع والاقلاع عن ما يفعله، عاد إلى نفس الطريق رغمًا عنه.

همس في نفسه بيأسٍ وقد تفاقم الحُزن على كاهليه:
«وما حاجة الله بتوبة عبدٍ عاصٍ مثلي، لا يُصلي ولا يصوم، ويفعل كل ما هو مُحرم، لا يستحق حتى أن يتنفس هذا الهواء.. لا يستحق أبدًا.»

ودون وعيٍ منه بكى، وكان بكاءهُ عاليًا وهو يضع كفّيه أمام وجهه، لا يعرف ما يفعل فعليًا.. لا يعرف إن كان الله سيقبل توبته أم لا، يُريد التوبة، يُريدُها بشدة، يُريد أن يكون عبدًا طائعًا صالحًا لا يعصي الله أبدًا، ويطمع في رحمة الله ومغفرته، يُريد حقًا أن يُصبح إنسانًا سويًا...

هُناك ألمٌ فظيعٌ يستكينُ بين أضلُعه وثُقلّ يُعيق تنفّسه، يشعر بالاختناق ويُريدُ منهُ أن يذهب عنهُ لكنّه لا يفعل، فالخطايا التي تُدنّس روحهُ كفيلةٌ بقتلِهِ شنقًا في هذه اللحظة.

شَعَر بلمسةٍ حانية على كتفيه، وكفٌ رُغم ضعفِ ضغطها عليه لكنه شعر بها وهي تُربّت بحنوٍ وصوت عميق يهتف:
«ما بك يا بُني؟ لمَ البكاء؟»

توقّف عن البكاءِ ناظرًا لذلك العجوز الذي استوى جالسًا بجانبه وابتسامةٌ خفيفة مُرتسمة على ثغرة، بعيونٍ مُحمرّة، ووجهٍ مليءٍ بالدموع، علامات التعب والارهاق باديةٌ على ملامحهِ المُجهدة، صمت قليلاً يجمع أنفاسهُ ثُم أردف بصوتٍ واهٍ.. مُرتعش:
«خائفٌ من عقاب الله، خائفٌ من أن أموت على معصية.»

ابتسم الرجل حينما وجد دموعه تنساب على وجهه مُجددًا حين انتهى من الحديث، مما أكّد له ندمه، وشوقه الشديد للتوبة، وتنقية روحه من ذنوبه، لم يشعر الرجل بالتقزُز أو الاستعلاء عليه كونه إنسان عاصِ مليء بالكثير من الذنوب والخطايا، بل كانت ابتسامتهُ واسعةٌ لأذُنيهِ، وتعاطف ظهر في عينيه وهو يُربّت على كتفه ببطءٍ، ثُم أردف وهو يُطالع البحر:
«قُل لي فقط، لماذا تُريد التوبة؟»

تعجب الآخر من سؤاله، فنظر إليه لعدةِ لحظاتٍ قبل أن يُردف:
«لا أعرف... فقط ما أعرفه أني أرغب بذلك، أريد أن أتخلص من حياتي هذه، أريد أن أتخلص من هذا الضياع والذي يُحيط بي رغمًا عني!»

«ما اسمك؟»

تنهد حين سمع سؤال الرجل المُسنّ له، فأدار بصرهُ نحو البحر هو الآخر قائلًا وقد خرجت الكلمات بنبرةٍ مُرتجفة:
«مُحمد، لكني لا أستحق أن أسمّىٰ بهذا الاسم، يجب أن يكون حامل هذا الإسم مُقتديًا برسول الله، لا أن يُدنسه بالذنوب والمعاصي.»

لكن الرجل قال غير مُبالٍ بكلامه:
«حاشاه أن يُدنس، كم من الأشخاص المُسمين بهذا الاسم، لكنّهُ طاهرٌ عفيفٌ لأنه اسم أشرف خلق الله جميعًا، مُحمدًا صلى الله عليه وسلّم، ولا يُدنس أبدًا.»

فتمتم مُحمدٌ وقد أوشكت عبراته على الانسياب مجددًا:
«عليه أفضل الصلاة والسلام.»

التفت إليه الرجل مُبتسمًا:
«ما بالك يا صاح؟ لم أرى رجُلًا من قبل يبكي وينوح كالنساء هكذا، توقف عن البُكاء قليلًا!»

«سمعتُ بأن الله يُحب أن يسمع العبد يبكي حين يدعوه، فيستجيب له، أهذا صحيحٌ؟»

«إن كانت نيتك صادقة في الدعاء، وإن كُنت تبكي حقًا طلبًا للمغفرة، فإن الله لا يرد عبدًا إذا دعاه، إذ قال في كتابه الكريم، بسم الله الرحمن الرحيم.. ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ.. صدق الله العظيم.»

فتساءل مُحمد مُجددًا وقد انبثق بعض الأمل داخله، فأحيا روحه من جديد:
«أتعني أن الله يغفر لي، إن دعوته؟»

أومأ الرجل بابتسامةٍ قائلاً:
«إن الله يغفر الذنوب جميعًا، إلا أن يُشرك به.»

«حتى وإن كان عاصٍ مثلي؟»

«وهل أنت أسوأ من بني إسرائيل؟»

نفى مُحمد بسرعةٍ قائلاً:
«لا، والعياذ بالله، لكن...»

فقاطعه الأخير قائلاً:
«إذًا لماذا تيأس من رحمة الله؟ إذا كان الله قد غفر لبني اسرائيل ذنوبهم أكثر من عدة مرات، رُغم أنهم لا ينصلحون، لكن الله كان يغفر لهم، لمَ تظُن إذًا بأن الله لا يغفر لك؟»

فتابع بعد صمتٍ قائلًا:
«الله يغفر الذنوب حتى وإن كانت تكفي جبلًا، وإن أذنبت وعُدتُ إليه مُجددًا سيغفر، فإنه لا يكلّ ولا يملّ أبدًا.»

ابتسم مُحمدٌ لحديثِ العجوزِ ثُمّ نَهَض قائلًا:
«سأذهب للصلاة.»

«بسُكرِك هذا؟ انتظر حتى يزول أثر الخمر ثُم صلّ كما شِئت.» قال له بذاتِ الابتسامة الحنونة، ليومئ بملامح سعيدة وقد زال ذلك اليأس الذي كان يستكين بين ملامحه، لقد أعطاه الله فُرصة ثانية لتصليح أخطاءه والرجوع عن معاصيه، ولن يُفوّتها أبدًا.

«أبي.» ابتسم الوالد وهو ينظر لطفله ذو الأحد عشر عامًا بعدما أخرجه من شروده قائلًا:
«ماذا بُني؟»

ابتسم الطفل جالسًا بحِجر أبيه ليسأل بفضول:
«بِمَ كُنت شاردًا؟»

«بيومٍ غيّر حياتي، وعجوز مُمتنٌ له بالكثير.» ردّد بشرودٍ أخذه من طفله للحظاتٍ جعله صامتًا لبعضِ الوقت، بعدها نظر له مُسترسلًا حديثه بابتسامة:
«سمعتُ من جدتك أنك تبحث عني، ما الأمر؟»

«لقد أخبرني صديقٌ ما بأنه يريد أن تقوم بإعطائه دروسًا دينيّة معي حين قُلتُ له أنك تُدرّس لي، هل تسمح؟ أخبرني أيضًا بأنه سيدفع الثّمن الذي ترغب به.» أردف الطفل بتردّد آملًا ألا يرفض والده، ازداد اتساع ابتسامة الأخير وهو يُجيب بحنان:
«أدرّسك أنت وأصدقائك لوجه الله، فأهلًا به وبمن يرغب بالمجيء دون أن يُفكّر بالمال.»

تحمّس الطفل وابتسم باتساعٍ لحديث أبيه هاتفًا وهو يهمّ بالنهوض:
«أحبك أبي، أنت أفضل شخص رأيته في حياتي.»

«حسنًا حسنًا، اذهب أنت وحين يحين موعد الدرس أحضر صديقك.» ضحك الأب على طفله مُردّدًا بعد أن نهض هو الآخر حتى يذهب لإكمال عمله.

«شكرًا لك يا الله على هذه الفرصة التي لا تُعوّض، شكرًا لنعمك التي لا تُحصى وكرمك عليّ ورحمتك بي، اللهم حمدًا لا ينتهي وشكرًا لك حتّى تنتهي أنفاسي.»
نبس حين جلس على مكتبه مُمسكًا بكتابٍ ما لتفسيرِ القرآن، فيهُمّ بقراءته وقد لمعت بعض العبرات في عينيه، لقد مرّت العديد من السنين، وتغيّر به الحال ليُصبح مُعلمًا لكتابه وسنة رسوله.

في الماضي كان يظنّ بأن حاله كعاصٍ لن يتغيّر، يعيشُ ويموت هكذا دون هِداية، من هذه الليلة وقد أيقن بأن الله أرسل له هذا الرجل ليكون سببًا في هدايته، لقد كان يعرف الله بحاله ومُطّلعٌ عليه، كان يعرف بأنه نادم، يعرف بأنه لن يُكرّر عِصيانه، فأرسل له ذلك العجوز الطيّب ليُقلع وأخيرًا عن ما كان يفعله.

لكنّه مع ذلك كان واثقًا بأنه لو حَنَث بوعده وعاد لذنبهِ مُجددًا سيُرحّب به الله حين يعود له نادمًا عازمًا على ألا يُذنب من جديد، فمهما كثُرت ذوب العبد فإن رحمة الله وَسِعَت كل شيء.

فوالله مهما بات العالم مُظلمًا وباردًا، مهما كنت تظن أنك وحيد، ومهما طال حُزنك وضياعك عن طريق الصواب، إن الله يراك بالفعل، إن الله يدّخر لك حياةً أفضل، يدّخر لك رحمةً واسعة، لذلك لا تيأس، فلو اطّلعتَ على الغيبِ لاخترتَ الواقع.

تمت.
تصويت🌟.

1126 كلمة.

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro