الفصل التاسع عشر:"من أنتِ؟"
فتحت غوين عينيها لتجد نفسها ممدّدة كالموتى مُحاطة باللون الأبيض في كلّ مكان، وكأنّها في اللامكان، لقد كانت هنا من قبل، هنا قابلت مارغوس لأوّل مرّة!
هنا حيث سمعت صوتًا يبكي، مهلًا هذا يشبه صوتها!
انتصبت ومشت تبحث عن مصدر الصوت تهتف:"مرحبًا، أهناك أحد؟" لكن لم تجد إجابة غير البكاء.
بدت وكأنها تقترب من مصدر الصوت ورأت ظهر فتاة شقراء شعرها المنسدل الطويل كان فوضى عارمة، ترتدي ثوب نوم قصير بلا أكمام.
اقتربت منها تقول:"عفوًا...أتعرفين أين أنا..." ولم تكمل سؤالها وأطلقت صرخة من الرعب، ثم سقطت أرضًا تحدّق بفزع لوجه الفتاة التي التفتت لها.
لقد كانت هي!
لكن بوجه شاحب وحاجبين فوضويين ووجه غير مغسول.
:"أنتِ السبب! لماذا فعلتِ ذلك؟!" صرخت تلك الغوين الفوضوية بها وعينيها محمرّتين من كثرة البكاء بينما غوين الأخرى قالت بتلعثم:"أ...أنتِ أنا!"
:"كلّا أنا لستُ أنتِ! أنا لم أكن لأفعل الفظائع التي فعلتِها أنتِ!" أجابت غوين الفوضوية بيننا الأخرى لم تفهم شيئًا ممّا تتفوه به تلك المرأة.
هي لا تعرف كيف أتت إلى هذا المكان، ماذا كان اسمه قبلًا؟ أجل، الخط الفاصل بين الحياة والموت، البرزخ!
لماذا هي هنا؟ هل ماتت؟
استفاقت من أفكارها على صوت صراخ غوين الأخرى:"أنتِ أنا أتحدث معكِ! يا سارقة الحيوات!
سرقتِ حياتي!"
:"أنا سرقتُ حياتك؟! أنتِ مَن تمنى تلك الأمنية الغبية أن تخلفكِ روح أخرى في جسدكِ وانتحرتِ!" صاحت غوين بها
:"لم أكن أعلم أنها ستتحقق! وفوق كل هذا أنتِ لم تلتزمي بأمنيتي! لقد أردتُ نسخة أفضل مني لإليوت، أنتِ جرحته! كيف تجرؤين؟!" بدأت غوين الأخرى بالصراخ عليها.
تابعت بعينين دامعتين:"لقد أحبّكِ إليوت! هذا أعظم ما يمكن أن أبتغيه، ماذا فعلتِ؟"
:"مهلًا هل أنا هنا لأنني رفضت ذلك الحقير؟!"
:"إياكِ ونعتُ محبوبي بالحقير أيتها الفظٍة الأنانية!" صرخت الأخرى بها والحقد قد حلّ محلّ حزنها منذ لحظات، ابتسمت بجانبية وتابعت ساخرة:"ولا تتظاهري وكأنّكِ لم تعجبي به."
:"ماذا تريدين؟" قالت غوين وصبرها ينفذ من تلك العاهرة التي أمامها
:"أن تعتذري لمحبوبي إليوت، وأن تتخلي عن هراء الطلاق، وأن تتوقفي عن جعل الخدم أصدقاءك خاصةً تلك اللعينة ذات الشعر القصير، وتتوقفي عن بناء صداقتكِ المقززة مع الأمير الذي أزعَج عزيزي إليوت!"
بدأت غوين السابقة تسرد مطالبها بوقاحة بينما الأخرى ردت عليها:"اقتراحات جميلة، اكتبيها في ورقة وبلّليها وضعيها في مؤخرتك."
:"أنا لا أتحدث بهذه الطريقة السوقية الوقحة!"
:"وأنا أفضّل الموت تحت الشاحنة عوضًا عن إكمال حياتي بالطريقة التي تريدينها!
أتريدينني أن أفقد عقلي مثلك؟ أجل أعجبت به، بمظهره فقط، تلاشى إعجابي حين رأيتُ كم هو غير ناضج وأناني، وأنتِ تعلمين أنّه لا يحبّنا،
لذا أنا لستُ نادمة على رفضه،
ولن أتراجع في الحصول على الطلاق،
ولا تسيئي لإيديث يا حقيرة، وآرثر سيظل حليفي رغمًا عن أنفك!" أنهت صياحها وصمتت برهة تأخذ أنفاسها ثم تمتمت:"لقد انتحرتِ بالفعل، لو كنتِ تريدين فعل تلك الأشياء لكان من الأفضل لكِ أن تفعليها وأنتِ حيّة بدلًا من الانتحار والتحول لشبح متذمر بغيض."
بدأت تكره المكان، كيف أتت إلى هنا؟ هل أتت ليتم توبيخها من شبح غوين السابقة عن كيف أنها يجب عليها العودة لإليوت؟ قطعًا لن تفعلها حتى وإن عنى هذا أن تذهب للجحيم.
بعد لحظات قلّبت فكرة الجحيم بين رأسها وعادت في كلامها، إن أصرّت غوين السابقة ربما العيش مع إليوت والتمتع بالأموال جيد أيضًا، وليذهب آرثر ويبحث له عن صديق آخر.
هل هي سطحية نذلة؟ ربما، مَن المجنون الذي سيترك الأموال فقط لأنها لا تبادل زوجها الحب، اللعنة على الحب.
نظرت مرة أخرى لغوين السابقة التي صمتت أمام حديثها وفكّرت أنّها خرقاء تركت كل تلك الاموال وجنّت وانتحرت بسبب الحب.
قُطعت عن أفكارها عندما لاحظت تجمّع الدموع في عيني غوين السابقة قبل أن تسقط أرضًا ويرتفع صوتها بالبكاء:"ولكن أنا أحب إليوت كثيرًا، لماذا لن يحبني؟ هو الوحيد الذي تبقى لي!
أنا شريرة! أنا الأسوأ!" جلست غوين مقابلها وعانقتها، ربّتت عليها بهدوء تحاول جعلها تتوقف عن البكاء.
:"أنتِ لستِ شريرة، أنتِ فقط كنتِ بحاجة لجلسة إزالة شعر الجسم، وأقنعة شعر وبشرة، ولسان سليط." تمتمت مازحة تحاول التخفيف عنها وابتسمت الأخرى رغمًا عنها.
غوين السابقة أبعدت يديها وتأملت وجه رفيقتها التي تعانقها، مزين بمساحيق التجميل وشعرها مصفّف جديلة تطوق رأسها كالتاج وباقي شعرها بجديلة جانبية فوضوية قليلًا متعمدة وقد خرجت غرة طويلة جانبية تزيدها جمالًا.
وتمتمت بنبرة منكسرة :"لم أكن لأفعل ما فعلتِه، لذلك الانتحار كان الحلّ بالنسبة لي، أمّا أنتِ...أنتِ أقوى منّي، وكأنّكِ منيعة لا تتأثرين." صمتت بُرهة وتابعت:"كيف استطعتِ التوقف؟ لقد أعجبتِ به، كيف استطعتِ التوقف؟"
:"وضعتُ نفسي أولًا،
تعلّمتُ هذا من حياتي الأولى ومن مارغوس، لقد أحضرني إلى هنا وعندما شعر بالخطر لم يفكّر بي لثانية وقرّر النجاة بنفسه،
في الوقت الذي كنتُ فيه ساذجة أفكّر به على أنّه صديقي هو كان واقعيًّا ويفكّر بنفسه وبالراحة التي أستطيع تقديمها له،
وكذلك إليوت، هو لم يفكّر بمشاعرك يومًا، فكّر فقط في نفوذه وصورته أمام المجتمع النبيل، فكّرتُ في نفسي، أنا لا أريد حياة كالتي عِشتُها، لا أريد أن أضيّع حياتي في اللاشيء، ثم أشفق على ذاتي.
إذا كان هذا يجعلني أنانية فليكن إذًا، ذاتي ليست أقلّ شأنًا، ذاتي تستحق السعادة أيضًا."
ابتسمت الأخرى وهي تستمع قبل أن تسمع كلتاهما صوت آرثر الذي يبدو بعيدًا:"غوين، غوين، أرجوكِ استيقظي!"
تمتمت غوينيفين السابقة لها:"لا أعتقد أنّه يقصدني، إلى اللّقاء يا... ماذا كان اسمك في حياتك السابقة." أثناء البدء في التلاشي.
:"إنّه..." بدأت غوين تتحدّث وتوقفت فجأة لتسأل نفسها، بالفعل، في حياتها السابقة، ماذا كان اسمها؟
اختفت غوين السابقة من أمامها بينما هي تحاول أن تتذكّر بدون فائدة، حين انتابها الرّعب أغمضت عينيها وحين فتحتهما وجدت نفسها تحدّق في سقف غرفة ما، ممدّدة على سرير مريح، يحوطها آرثر، شايتا، وبعض الاشخاص الذين لم تعرفهم.
تهلّل وجه آرثر حين رآها تفتح عينيها وأطلق تنهيدة راحة وقال:"أقسم أنّكِ كدتِ تقتلينني، لقد ظننتكِ مِتِّ."
لم تتحدّث غوين، لقد ظلّت للحظات قبل أن تستوعب أنّها فقدت الوعي وهي في غرفة آرثر التي يمكث بها في القصر.
بعد لحظات سمعت صوتًا غليظًا يقول:"أيتها الدوقة، عذرًا منكِ، أيمكنكِ سماعي؟" و يظهر بجوار آرثر،
كان قزمًا قصيرًا بشرته اختلطت بين الخضار والرماديّ، يملك شاربًا رفيعًا حادًا تحت أنفه الكبير ويرتدي عباءة بيضاء بأكمام ويمدّ يده ذات الأظافر الغليظة ليضعها على جبهتها يتفقّد حرارتها.
أومأت غوين وسمعت صوته وهو يعيد يده إلى حيبه:"جيّد، سيّدتي، سأسألكِ بعض الأسئلة كي أشخّص حالتكِ."
وطرقع بإصبعيه ليُخرِج البشريّان اللّذان معه ويرتديان نفس معطفه دفترًا وقلمًا.
اعتدلت غوين لتصبح جالسة رغم يد آرثر التي امتدّت بعفوية وهو يخبرها:"ارتاحي!" بينما ابتعدت شايتا خطوتين ملقية نظرة غير مفهومة لهما.
:"سيّدتي هلّا أخبرتِني ماذا أكلتِ اليوم؟" قال القزم وهنا تذكّرت أنّها لم تأكل.
:"أنا نسيتُ أن آكل اليوم." تمتمت بها بينما آرثر رفع حاجبه يحاول فهم ما الذي قالته للتوّ.
:"حسنًا سيّدتي، ومن الهالات حول عينيكِ أستطيع القول أنّكِ لم تنامي أيضًا؟" قال الطبيب وأومأت غوين ترد عليه:"أجل، كان لديّ الكثير من العمل..." ولم تُكمل كلمتها وسمعت صوت آرثر الذي بدا به الغضب:"ماذا تعنين ب'لم تأكلي ولم تنامي'؟ ما الذي يفعله خدمك بحق الجحيم؟!" قبل أن تتحدّث أكمل صراخه:"تبًا للخدم، ما الذي يفعله إليوت؟ أنتِ زوجته مهما كان عليه التأكد من سلامتك!
تبًا لإليوت، ماذا تفعلين أنتِ؟ إنها صحّتكِ! هل بقيتِ هكذا لتحصلي على شفقة إليوت؟ هذا غباء! عليكِ التخلي عنه!"
رمشت غوين رمشتين بما سمعته منه، لقد تناست أمر دوارها الخفيف الآن ونسَت أن من أمامها هو ملك البلاد القادم وردّت بغضب:"بجدّية أنتَ من يقول؟ لقد سهرتُ ولم آكل لأنّك أمطرتني بعمل لم يسبق لي فعله بدون أن تساعدني وبمهلة قصيرة!
وبالطبع لأنّك أمير البلاد كان عليّ التنفيذ بدون أن أتذمّر لأنّ لا أحد قادر على التنبؤ بردّة فعلك، أنا حتى لم أطلب شُكرًا منك او أي شيء وأنت تلومني وتصرخ عليّ تمامًا مثل ذلك الساقط الذي تنعته بزوجي!"
:"لم أكن لأفعل شيئًا لكِ لو أنّكِ قلتِ..."أوقف حديثه وأخذ نفسًا ثم التفت للطبيب القزم وقال فجأة:"إذًا، ما هي توجيهاتك؟"
ارتبك الطبيب لكنّه فورًا أجاب:"التغذية السليمة والراحة جلالتك."
:"حسنًا شكرًا لك، هيّا اخرج!" قال بنبرة عدائية فانحنى الطبيب وخرج واشار لمساعديه أن يخرجا أيضًا خلفه.
لم يبقَ في الغرفة سوى آرثر وغوين وشايتا.
لامت نفسها، إنّه الأمير قبل أن يكون حليفها، حتى إليوت لم يكن ليدع سلوكها المحرج.
تنهدت غوين وأردفت:"أعلم ما ستقول، لم يكن هذا سلوكًا يليق بامرأة نبيلة وكذلك قلّلتُ من احترامك، آسف..."
:"ما هذا الهراء؟" قاطعها آرثر ثم تابع:" لا يجدر بكِ الاعتذار، إنّه خطأي، آسف، لقد كنتُ أتصرف بأنانية شديدة ولم أفكّر بكِ وفوق ذلك أنّبتكِ." اتسعت عينا شايتا ممّا تراه، كذلك غوين.
بينما الآخر تقدّم وجلس على حافة سريره وتابع:"لقد ذُعرت عندما قال ذلك القزم الأخرق أنّ هناك نسبة ضئيلة من البشر يدخلون في غيبوبة مدى الحياة عندما يتعرّضون للسحر، حين لم نكن نعرف ما الذي أصابك."
:"لقد خِفت عليّ هذا ظريف!" قالت غوين ورد الآخر بابتسامة جانبية:"بالطبع، نحن فريق الأشرار في الروايات ألا تذكرين؟ ماذا سأفعل بدون حليفتي الدوقة المجنونة الشريرة؟" ضحكت غوين والنيران اشتعلت بداخل شايتا التي حمحمت لتجعلهما يلاحظان وجودها.
بينما آرثر ابتعد عن حافة سريره قائلًا:" سأذهب الآن، وحين تشعرين بحال أفضل اسألي أحد الخدم ليرشدكِ إليّ، لا تنسي تناول أي شيء حتى لا تفقدي وعيكِ مرة أخرى."
التفت إلى شايتا وأكمل:" شايتا، أرشديني إلى حيث يوجد الضيوف."
كانت غوين لا تزال مبتسمة، حتى لو كان سفاحًا كما يقولون فهو يمكنه أن يكون لطيفًا أحيانًا.
تلاشت ابتسامتها حين تذكّرت أمر ذلك الحُلم؟ هل كان حُلمًا؟ فكّرت ربما عقلها الباطن يشعر بالذنب لرفض إليوت، جرّبت أن تفكّر في اسمها الذي كان في حياتها السابقة لكن سُرعان ما أصيبت بالصداع ورأت خادمًا يدلف ببعض الطعام على صينية فضيّة، ويبدو أنّ آرثر من أمره بذلك.
عادت ابتسامتها ما إن فكّرت في آرثر، مؤسف أنّه اتضح كونه سفّاحًا.
تمتمت لنفسها وهي تلتقط قطعة كعك:"مؤسف أنّ أمره معقّد، كنتُ لأرتبط به ولن يهمّني."
تناولت قضمة وأكملَت:"زوج وسيم حقير، أمير لديه مشاكل نفسية وسفاح مشكوك في ميوله الجنسية، ساحر وسيم يكبرني بستمائة عام يريد أن يقتلني أو يسجنني، دوقية بالكامل عنصرية ضد الشقراوات بلا أي سبب وجيه،
وهناك مارغوس، حقير، وغد، أناني، شرير، تركني ورحل.
ألا يوجد في هذه المملكة اللعينة رجل طبيعي؟!"
ترقرقت عيناها حين تذكّرت أوقاتها مع مارغوس، هو لم يزعج نفسه بأن يرى إن كانت بخير حتى؟
حتى عندما رحل قال 'سأجدك حين أحتاجك'
هو يفكّر فقط بفائدتها له، على الأرجح أنّه قَبِل أمنية غوين السابقة وأنقذها فقط لذلك الهدف.
أقحمت باقي الكعكة في فمها لتحاول التفكير في شيء آخر أهم.
تناولت ملفاتها التي كانت موضوعة على الطاولة الصغيرة قُرب الفراش لتلقي نظرة أخيرة عمّ فعلته، وهل آرثر سيعجبه عملها أم لا؟
______________________
في ذلك الوقت كان آرثر يتناول العشاء بصحبة الأميرة ساليفا ومرافقيها وفيديل والدوقين وشايتا،
سُمِع صوت ساليفا تقول:" أيها الأمير آرثر لقد قُلت أنّك ستناقش العمل الليلة حين يأتي مستشارك، هل أتى؟"
:" أجل، لقد أتى،
سأرى، إن كان مستشاري ارتاح كما يجب، إن فعل فسنناقش العمل الليلة، إن لم يفعل فسننتظر لمساء الغد؛ لأنّ مواعيد استيقاظي تبدأ ظهرًا." رد آرثر وتأكدت شايتا من الأمر، سيجعل الأمير تلك الدوقة المجنونة مستشاره بعد كل شيء.
تضايقت ساليفا قليلًا من تقديره لمستشاره الجديد المزعوم، هل هو حقًا شاذ؟ وعلى علاقة بمستشاره؟ إذن لم تكن مخطئة حين نشرت عنه ميوله للرجال في المجتمع الملكي.
اشتعلت بالفعل لمجرّد التفكير في الأمر وعادت ترد:"ينتابني الفضول، لماذا تهتم لهذه الدرجة براحة مستشارك؟"
:"كيف لن أهتم براحته ومستشاري لديه جميع الوثائق المالية للمملكة؟ سيكون اجتماعنا حساس لذا عليّ التأكد من ألّا يشتّته شيء." ردّ آرثر وهو يقطع قطعة لحم الخنزير ويضعها في فمه.
:"جيد أنّك أوضحت، كنت لأظنّك معجبًا بذلك الرجل." قالت ساليفا وهي تضحك ساخرة فابتسم آرثر ببرود:"عفوًا، أي رجل؟"
:"مستشارك، أعني..." كادت تتحدّث فقاطعها آرثر:"ومَن قال أنّ مستشاري رجل؟" أكل آخر قضمة له ومسح فمه ثم أشار للخادم أن يصبّ كأسه وتابع:"التحدث بصيغة المذكر هو شائع في مملكتنا للجنسين، وأيضًا، أنا لاحظتُ أنّكِ تلمّحين لاختلاف ميولي، لا يُعقل أنّكِ أيضًا تصدّقين تلك الشائعة المريضة عن أنّني أحب الرجال."
تدخّلت فيديل في الحديث تقول:"بصدق يا أخي، تلك أحد أكثر الشائعات سخافة." وتبتسم، لم يتحدّث تاينهاورد وظلّ مركّزًا على وجه الأميرة الصهباء، بينما جيرين يأكل بدون اهتمام لهم.
تدخّل بورلوك مستشار ساليفا مازحًا:"بمناسبة الرجال والنساء، سمعتُ أنّ ما من فتاة قبيحة في مملكتكم، وأنا رجل أحب تقييم الجمال، إذا فهمتني."
ابتسم آرثر له فاهمًا قصده وقال:"الدوق جيرين، لا تنسَ جلب بعض بائعات الهوى البشريات للضيوف." التفت إلى بورلوك وتابع:"هل لديك أي نوع معيّن؟"
:"لا، لكن سأفضّل لو كانت شقراء ذات شعر طويل." ردّ بورلوك ومزح آرثر:"لديك ذوق يُحترم."
تدخّل جيرين:"سأحاول إيجاد شقراء لك سيد بورلوك ولكن في ماجينلاك لا يوجد الكثير من أصحاب الشعر الأشقر."
:"إن لم تجد شقراء لي فلا بأس بأي واحدة جميلة، لستُ شخصًا نيّق في مأكلي." رد بورلوك وفي الحال شعرت الأميرة فيديل بالاشمئزاز وقرّرت تغيير الموضوع.
بعد انتهاء العشاء اجتمع الأمراء الثلاثة مع وزير ايسهاف موريانت، ليتحدّثوا في المسرح والفن، والدوق جيرين وتاينهاورد يتحدّثان مع إيكلياس دوق سحرة إيسهاف
بورلوك ذهب لغرفته كي يحضر أوراق العمل وآرثر أخبر شايتا أن تُرسل غوين التي في غرفته.
ذهبت شايتا بالفعل لغرفة الأمير التي تسكن فيها غوين، حتى الآن لا يعرف جيرين بالأمر بناءً على أمر الأمير ولكي تُبعد عن نفسها الشُبهة لم ترافقها للغرفة بل وصفت لها طريقها فقط وتعذّرت بأن هناك أمرًا طارئًا عليها فعله واختفت.
نظمت غوين مظهرها وأخذت الأوراق ذاهبة للغرفة، لقد سمعت من شايتا أنّ الموجودين هم اميرة إيسهاف ووزيرها ودوق سحرتهم وزاد هذا توترها،
لا يجب أن تُفسد الأمر وإلّا لن يتحدّث معها آرثر أبدًا.
بدا الممر الطويل صعبًا للغاية على قدميها، وحين لم يصبح بينها وبين الغرفة المنشودة سوى بضع أمتار سمعت صوتًا رجوليًا يقول:"ياللروعة! لم أتوقع أن يستجيب الدوق جيرين بهذه السرعة لي."
كان هذا المستشار بورلوك الذي ظنّها بائعة هوى، حين التفتت إليه عضّ شفته وهو يرد:"أيتها القطة، للاسف أنا مشغول لكن اذهبي لغرفتي وانتظريني وسأنتهي بسرعة وأعود لكِ."
بالنسبة لغوين فكانت تقول في نفسها:" مَن هذا الأصلع؟ ولماذا يبدو كمن عليه دخول الحمام؟"
:"هل تتحدّث معي؟" قالت غوين ورأته اقترب منها واضعا يده على خصرها قائلًا:"أجل عزيزتي ومَن غيرك؟" ثم همس:"لكن اخبريني أأنتِ محترفة..."
في ذلك الوقت قالت الأميرة ساليفا فجأة:"إذن مستشارك ليس رجلًا في النهاية؟"
:"أوه، لا إنها امرأة." رد آرثر وبدا على وجه فيديل أيضًا الاستغراب، هي لم ترَ أخيها مقرّبًا من امرأة مؤخرًا سواها وشايتا و...الدوقة المجنونة لكن بالتأكيد لن يجعل دوقة جاهلة مُحرِجة مستشاره.
فتابعت ساليفا:"امرأة؟ كمستشار؟"
:"أجل، لقد قُلتُ لنفسي أنّها الأحق بمنصب المستشار بما أنّها ذكية للغاية وأحد أرقى سيدات ال..."
قوطِعت جملة آرثر بصوت غوين الصارخ من الخارج:"المرة الوحيدة التي سأعتذر لك فيها هي حين أقطع عضوك بسكين المطبخ!" ثم سمع الأميرة ساليفا تقول:"أسمعتم هذه الألفاظ السوقية؟"
اتى بعدها صوت بورلوك وكأنّه يعاني من ألم:"سأجعلهم يدقّون عنقك أيتها العاهرة الوقحة!" فخرج الجميع من الغرفة ليروا ما الأمر
وجدوا بورلوك منحنٍ يمسك منطقته الحساسة وغوين أمامه ترد:"العاهر الوحيد هنا هو أنت."
جحظت عينا جيرين ما إن رآها، وتساءل كيف أتت إلى هنا؟
رفع بورلوك يده ليصفعها وقبل أن يفعل سمع صوت آرثر الغاضب:"ماذا يحدث هنا؟"
تهلّل وجه غوين ولا إراديًا ركضت نحو آرثر تهتف:"آرثر، أرجوك أنقذني، لقد حاول التحرش بي."
الشيء الوحيد الذي لاحظه الجميع أنها نادته باسمه بلا لقب!
بينما آرثر فملامحه أظلمت حين سمع هذا والتفت لبورلوك قائلًا:"الآن ما الذي سمعته؟ أحاولت الاعتداء على مستشارتي؟" كانت نبرته مخيفة حتى لغوين بجواره.
سارع بورلوك بالقول:"مهلًا جلالتك، أتقصد أنّ هذه مستشارتك؟"
الآن غوين تفاجأت، هل جعلها آرثر توًّا مستشارته؟
تابع بورلوك:"لقد ظننتُها بائعة هوى، أنا حقًا آسف!"
:"أيتها الأميرة ساليفا إنّها واحدة من رعيّتي التي تم إيذاءها، وليست أي شخص إنّها نبيلة." قال آرثر دون ان يلتفت إلى ساليفا التي ستقتل غوين بعينيها
ثم التفت إلى غوين وأردف:"للأسف الاعدام لا ينطبق سوى على رعايا المملكة وهو ليس منهم فلن يمكنني الأمر بإعدامه." همست له:"معذرة آرثر، لكن مَن هذا؟"
:"أنّه مستشار ملكة إيسهاف، لقد كان يظنّك بائعة هوى لأنّه طلب واحدة شقراء جميلة." رد عليها فقلّبت الأمر في رأسها ثم قالت:"سأقبل اعتذاره."
جاء صوت بورلوك:"مهلًا ألن تعتذري عن ضربك لي في منطقتي الحساسة وإهانتي؟!"
:"لقد كنتُ أدافع عن نفسي." ردت غوين وقبل أن يتحدّث أحدٌ خرج صوت آرثر:"لقد سمعتها، أنت الجاني وتريد اعتذارًا؟ يالوقاحتك!"
ابتسمت غوين باتساع وهمست له:"أنت أروع حليف يمكن أن يجده المرء."
:"هل أنتِ بصحة جيدة الآن؟" رد آرثر بهمس على همسها جعل الجميع يرمقهما بشك خاصةً ساليفا التي كانت ستنفجر لتعرف ما هي صلتها بآرثر لتناديه باسمه غير متبوعًا او مسبوقًا بلقب
أومأت له غوين وعادت تخبره:"ماذا كنت تقصد بمستشارتك؟"
:"مستشارتي لمدة شهر لن يستطيع جيرين مضايقتك هكذا، فقط حتى أجد مستشارًا حقيقيًّا." رد آرثر وتبعته غوين:"لماذا لم تخبرني من قبل؟ كنتُ لأفحم ذلك الأصلع بكوني مستشارتك"
:"نسيت." قال آرثر ببساطة وضربت غوين جبهتها بخفة بينما تتابع:"لكن، أنا لا أعرف ما سأفعل."
:"فقط جادليهم كما جادلتِ الوزير سلايث في الألعاب، ولا تقلقي من أي شيء." رد آرثر وربت على رأسها بخفة ليشجعها لكن بالنسبة لهؤلاء الذين لا يعرفون ما يدور فبدا وكأنّ الأمير يغازلها.
ابتسمت له وقاطع لحظتهما الجميلة قول الأميرة ساليفا:"من الوقاحة أن تكون أمامك وريثة عرش مملكة إيسهاف ولا تنحنين للتحيّة."
ذُهلت غوين بجمال المرأة الغاضبة أمامها، إن كانت إلهة الإغراء ستتجسّد في صورة بشرية فستكون حتمًا هذه المرأة.
لقد سمعت بعض ثرثرة الخدم أنّ آرثر كان مخطوبًا بها.
أفاقت من تحديقها وانحنت قائلة:"اعذريني جلالتك لم أتعرّف عليكِ من الوهلة الأولى، أنا الدوقة غوينيفين لانكستر، لقد تشرّفت بلقاءك."
استقامت ونظرت لآرثر كي تتفحّص منه ما إذا كانت أحسنت الإجابة بينما الآخر كان ينظر للملثم الذي لم يتحدث ويحاول تبيّن سبب وجوده.
قالت ساليفا بلهجة ساخرة:"كيف ستتعلمين الاحترام وأنتِ لم تحترمي أميركِ وركضتِ نحوه تناديه باسمه الأول كما لو كنتِ تركضين نحو عشيقك؟" نظرت لآرثر ثم تابعت:"مهلًا، ربما كنتِ كذلك بالفعل، لكن علي القول أن ذوقك متردٍ أيها الأمير."
اكتفى آرثر برفع حاجبه باستنكار بينما غوين تحاول منع نفسها من شتم تلك العاهرة.
دلفوا للداخل مرة أخرى لكن هذه المرة تجمّعوا حول الطاولة الضخمة، آرثر على يمينه غوين ويساره جيرين بجواره تاينهاورد والأميرة فيديل
وعلى الجانب المقابل كانت ساليفا على يمينها بورلوك والوزير موريانت وعلى اليسار دوق السحرة والمُلثم واكين.
بدأت ساليفا في القول:"مبدئيًا، اسمح لي بالقول أنّ مملكة فيداليا طوال السنوات الأربع كانت ملتزمة وتدفع جزيتها بانتظام، أحسنتم،
لكن العالم يتغير وما كان بالأمس سعره عملة فهو الآن أصبح يساوي عشرًا، لذا سنتناقش في أمر زيادة الجزية إلى عشرة أضعاف."
أكمل بورلوك وهو يخرج الأوراق:"إن لم يرِد جلالتكم الحرب فبإمكانه التوقيع هنا."
قال جيرين:"ألا تعتقدون أن المبلغ عالٍ قليلًا؟"
:"ليس قليلًا أيها الدوق جيرين، المبلغ عالٍ كثيرًا، إن أُخذ هذا المبلغ من خزينة المملكة ستصاب مملكتنا بالإفلاس!" خرج صوت غوين الذي كان جادًّا.
ابتسمت ساليفا بسخرية لها وقالت:"فشل المملكة في إدارة أمورها المالية ليس مشكلتي، كان عليكم أن تفوزوا بالحرب، لكن ماذا أتوقع من أمير جعل عشيقته مستشارة وأعطاها لقب نبيلة؟"
لم تعرف غوين ما بال هذه الشمطاء تهينها، لكن لم ترغب بتصحيح الأمر لها الآن، سيكون الأمر غير ممتع على الإطلاق.
:"أيتها الأميرة مع احترامي، لا يوجد فائز في الحرب.
أتزعمين أن مملكتك لا تعاني من ضائقة اقتصادية؟ لو كان هذا هو الأمر لما أتيتِ بنفسك ووزيرك ودوق سحرتك لتناقشوا أمر الجزية." بسرعة ردت غوين
نظرت ساليفا لآرثر الذي ابتسم وقال:"أنا في إجازة لذا الدوقة هي من ستتولى أمر المفاوضات نيابة عني."
همس تاينهاورد لفيديل:"خيار رائع، الدوقة ذات اللسان السليط، سنرى معركة أسطورية" فابتسمت فيديل على تعليقه أثناء سماع غوين تتابع:"هل تنكرين أيتها الأميرة ساليفا كون وجود بلادك في ضائقة مالية؟"
:"بلادي ليست فاشلة كبلادكِ فليست في ضائقة مالية ولقد أتيت برغبة مني ولست مرغمة." ردّت ساليفا بابتسامة باردة
وابتسمت غوين في الحال:"لقد قلتِ أنّ بلادك فازت في الحرب، لكن أنا اتساءل ما ثمن هذا الفوز؟
لن تقوم امبراطورية إيكاروسيا بتقديم الدعم مجانًا بالطبع خاصةً مقابل قتل راث، وتقديم الدعم السحري لكم في الحرب، فضلًا عن أنّ على الارجح كانت الخطة قتل الأمير وليس راث،
دوق السحرة لا يقدّم خدمات مجانية بالطبع، وهناك الموارد والأسلحة للجنود،
قبل الحرب كان الدوق راث قد لاحظ تراجع سفن المملكة على سواحل شتاينوود، وكذلك تردي جودة المنتجات التي تُشترى من التجار الايسهافيّين هناك وفي الحرب كتب في تقريره عن احتمالية تعرّض مملكة ايسهاف لضائقة اقتصادية لكن للأسف التقرير لم يُرسل للأمير لأن صاحبه مات قبل إرساله،
الدوق واين آستور كتب تقريرًا بالممالك التي اشترت من سواحل دوقية شتاينوود وهذا العام مملكة ايسهاف لم تشارك بأي مزاد ولم تَزُر دوقية شتاينوود بل وبدأ التجار الايسهافيّون ببيع محالّهم
بإمكاني كتابة أكثر من دليل على معاناة مملكتك وشعبك بدون حتى أن ألجأ للجواسيس،
فلماذا أيتها الأميرة تتبجحين بالحرب ومن الواضح أنّكِ غير قادرة على تحمّل كُلفتها؟ لا أستطيع الفهم أبدًا." أنهت حديثها ناظرة بجانبية لآرثر الذي كان مبتسمًا وكأنّه يسمع سيمفونية ما.
فيديل، تاينهاورد ووفد مملكة إيسهاف بدا متفاجئًا بينما ترد ساليفا:"لا تتفوهي بالافتراءات على مملكتي."
:"حسنًا ونحن لن ندفع الجزية الجاحفة، أريني ماذا يمكن أن تفعلي أيتها الأميرة أمام الدوق جيرين أقوى ساحر في العالم!" قالت بنبرة تحدٍّ
ونظر جيرين لها متفاجئًا من إقحامه في الأمر بينما هي فتركت مقعدها وتوجهت نحو جيرين تتابع:"دوق سحرتنا أقوى ساحر من الجان، الأعظم، الأوسم، الأقوى."
تدخل آرثر قائلًا :"لقد كرّرتِ الأقوى مرتين."
:"هذا تأكيد على قوّته، رغم أنّه حسّاس قليلًا" ردّت وتظاهر آرثر بالتفاجؤ مردفًا:" كيف عرفتِ؟"
:"من لقاءاتنا القديمة." قالت وغمزت لجيرين الذي احمر وجهه من سماعها تمدحه.
:"أيتها الدوقة أرجوكِ عودي مكانك أنتِ تحرجينني." همس جيرين فهمست له بالمقابل:"ساعدني، أم لا تخرج مهارتك الرائعة في التحقيق إلا معي؟!"
فهم جيرين ما تريده أن يفعل قبل أن يخرج صوت ساليفا:" أتهدّدينني؟"
رد جيرين:"بالطبع لا أيتها الأميرة إنها تتساءل فقط، ولأكون صادقًا سؤالها أثار فضولي أيضًا."
:"ماذا تقصد أيها الدوق؟" قال بورلوك وابتسم جيرين قائلًا:"أقصد، لو بدأت مملكتينا حربًا أخرى، ما الذي يضمن عدم خسارة مملكتكم؟
حديث الدوقة غوينيفين لا يمكن ان يكون افتراءً لأنها وريثة دوقية شتاينوود عن أخيها الدوق راث، فهذا ليس معناه إلّا أنّ مملكتكم تعاني أيضًا، فلِم دائمًا البدء بالعِداء وجلب سيرة الحرب لأتفه الأسباب بينما يمكن بالتفاوض إنقاذ المملكتين." أنهى جيرين حديثه ولم يعجب أبدًا ساليفا التي قالت:"هل ترى أسلوبكم الخالي من الاحترام مشجعًا للتفاوض أيها الدوق جيرين؟"
وتدخّلت غوين:" أيتها الأميرة، مستشارك تحرّش بي وطعنتِ في شرفي باتهامي بكوني عشيقة وطعنتِ في نزاهة الأمير ولديكِ الجرأة لتتحدّثي عن الاحترام؟
يقولون إذا كان بيتك من الزجاج فلا ترمي الناس بالحجارة، كيف تتوقعين تلقي الاحترام وأنتِ لا تحترمين أحدًا؟"
:"كيف تجرؤين على التحدّث إلى أميرتك بهذه النبرة؟"
:"أنتِ لستِ أميرتي ولن تكوني، أمرائي هم الأمير آرثر والأميرة فيديل، من أنتِ؟ أميرة لمملكة بيننا وبينها بحار كبيرة؟ حسنًا أنتِ لستِ هناك سلطتكِ انتهت هناك هنا أنتِ على أرضٍ أخرى فاحترمي سكانها وقوانينها.
الهراء عن الفائز بالحرب لا معنى له حين يكون الفائز لا يجد ما يأكله."
حين انتهت غوين من التحدّث وقتها خرج صوت تاينهاورد:"للأسف لقد انتهى وقت المفاوضات لليوم والجميع متعب، لنُكملها غدًا."
في الحال وافقته فيديل:"أجل أنا موافقة، لقد بدأت أشعر بالتعب."
استقام آرثر من كرسيّه قائلًا:"أوافقكما، كان الأمر متعبًا." وسرعان ما وافق بورلوك وإيكيلياس وموريانت أيضًا وتم تحديد المفاوضات القادمة غدًا بعد الغداء.
________________________
في دوقية لانكستر كان إليوت جالسًا مع كأس خمره، ما الذي فعله؟ هل هو أحب غوين؟ ماذا عن جويل؟
غوين رفضته بشدّة، غوين المهووسة به لم تعد تحبّه بل ورفضته!
كان عقله يعيد عليه كلماتها قبل أن يتناول ورقة وريشة ويكتب
:《 أبي العزيز،
يبدو أن زوجتي لا ترغب في الاستمرار بكونها زوجتي، وأنا لا أرغب في الاستمرار بكوني زوجها، أستأذنك نحن نفكّر بالانفصال، وربما الطلاق،
ابنك المخلص،
إليوت.》 وأمر باينكرو أن يرسل الخطاب.
فكّر في جويل ثم أخرج ورقة أخرى ليكتب لها فيها
:《جويل عزيزتي،
أريد الاجتماع معكِ قريبًا لنناقش مستقبل علاقتنا، لقد أدركتُ الآن أنّني كنتُ رجلًا أنانيًّا وأرغب بتصحيح الأمر، آمل أنّه لم يفُت الأوان بعد.》
هذه ستكون خطّته، هو لن يسمح لأحد بجرح كرامته مرة أخرى، غوين تريد الطلاق؟ لها ذلك، لقد أوفى بعهده لراث وحماها لمدة عامين، هي التي تصرّ على الالتصاق بالأمير فلتفعل لن يهتم.
أمسك أيضًا ورقة أخرى، ليرسلها لكبير الكهنة في ماجينلاك يطلب منه إذن طلاق.
وأخيرًا الرسالة الأخيرة،
:《زوجتي غوين،
لقد أرسلتُ لأبي ولكبير الكهنة أطلب الطلاق، أرسلي لوالدكِ لتخبريه بالأمر، وبعد أن تنتهي من مرحك في ماجينلاك سنجتمع لنتناقش في أمر تقسيم الثروة حتى يأتي ردٌّ من كبير الكهنة،
فقط للعلم أنا سأتزوج جويل بعد أن نتطلق مباشرة لذا فلا انوي الرجوع،
كنتِ محقة أنا لا أحبك ولم أحبك يومًا، في الحقيقة لن يحبّكِ أحد يوما، ستموتين وحيدة، لا أحد سيقبل الزواج بمطلّقة لكن هذا ليس شأني فلتموتي وحيدة أنا لا أهتم،
زوجك المخلص،
إليوت.》
________________________
حدّقت ساليفا فقط في تلك الدوقة الشقراء الوقحة بينما غوين قبل أن تتوجه لآرثر كي تحدّثه فوجئت بجيرين يعترض قائلًا:"أيتها الدوقة غوينيفين أستأذنك، هل تمانعين أن نجتمع في مكتبي؟ هناك ما أريد سؤالك عنه."
:"يا رجل ألا تتعب؟" قالت غوين وهي تفكّر بمحتوى المحادثات راسمة ملامح الخوف على وجهها، لحسن الحظ تدخّل آرثر وقال:"أيها الدوق جيرين، سأتحدث مع غوين لوهلة وسأرسلها بعدها لمكتبك أتوافق؟"
:"طالما جلالتك مَن يقول ذلك." أجاب جيرين وانصرف لمكتبه ليدير شئونه.
وذهبت غوين خلف آرثر لغرفته تحت أنظار ساليفا التي لم تسمع شيئًا من حديثهم.
الأميرة فيديل رمقت غوين بشيء من الاحتقار قبل أن تودّع الجميع بابتسامة وتتمنى لهم ليلة سعيدة.
تفرّق أيضًا وفد مملكة إيسهاف للذهاب لمضاجعهم، لم تعرف غوين أن ساليفا طلبت من الملثم 'واكين'
أن يحضر لها صورتها لتنضم إلى صور آرثر.
ذهبت غوين مع اوراقها وآرثر لغرفته وأغلق الباب.
ألقت غوين المستندات على الفراش وبدأت تقول:"أنت حقًا شيطان، أتعرف هذا؟"
ابتسم آرثر لها وهي تتابع:"دعني أخمّن، لقد ذهبت إلى شتاينوود كما تزعم 'لقضاء إجازتك' واجتمعت مع أبي وأخذت منه تقارير نشاط مملكة إيسهاف التجاري، ثم طلبت جميع خطابات راث المكتوبة قبل أن يموت وأخرجت منهم الخطاب الذي يتحدث عن ضائقة مملكة إيسهاف الاقتصادية وأرفقتهم بالمستندات، بعدها أتيت للانكستر وأعطيتهم لي لأبدو وكأنني من اكتشف الأمر أمامهم!"
صفّق آرثر بابتسامة فخر تعلو ثغره وتمتم:"حسنًا لأكون صادقًا لقد فعلتُ هذا لكن لم أعلّق آمالًا أنّكِ ستستعملين التقارير حقًا."
:"ولماذا أرفقت بيان ثروة النبلاء؟
لتخبرني بأنّهم يستطيعون أن يصبحوا مصدر تمويل للمملكة؟" أردفت غوين بينما آرثر بابتسامة خبيثة:"ليس بالضبط، كنت فقط آمُل إن تأزمت الأوضاع الاقتصادية أن يقوموا بدفع الجزية عن المملكة حتى يتعافى الاقتصاد."
اتسعت ابتسامة غوين وهي تقترب منه وتشير لصدره بسبابتها:"أنت...أنت ثعبان!" كانت تشعر بالحماس والبهجة لمجرد الحديث مع آرثر بعد المفاوضات.
لسببٍ ما كان الحديث معه ممتعًا، ملامحه التي رسمها ممتعة،
ربما لوقوفه بصفها سابقًا، لو كان إليوت لأخبرها أن سلوكها لا يليق بامرأة نبيلة وزجرها لكن آرثر أخبرها أنّه لا يمكنه اعدامه لأنه ليس من المملكة،
هذا يعني أنّه لو كان من المملكة لأعدمه آرثر حقًا، لأجلها، فقط التفكير في ذلك جعلها تشعر بالاطراء والخجل والحماس لوجودها فقط معه وحدهما.
ضحك الآخر من وصفها له بالثعبان، لو كان أحدًا غير غوين لربما فقد رأسه وقتها، لكن هذه غوين هو يعلم أنها لا تقصد أبدًا ما تقول،
لو كان أي أحد غير غوين لكان حذر منه باقترابه لهذه المسافة، لكن غوين في نظر آرثر ساذجة أغلب الوقت حتى رغم حقيقة أنّ الأصوات داخل رأسه تصمت حين تكون هي بجواره، وأنّها تعرف أخطر ساحر في المملكة وأنّ هناك مجهول طليق حاول اغتياله لا يستطيع إلّا أن يرخي دفاعاته وهو معها.
إنها ساذجة ولطيفة، ما أخطر شيء ستفعله؟ تقتله من الضحك؟
:"فقط أريد أن أسأل، لماذا أنا؟ كنت لتقود المفاوضات بسلاسة أو الأميرة، أو حتى الوزير أو جويل، لماذا جعلتني أقوم بها؟" أخرجت السؤال الذي كان يدور في رأسها طوال تلك الفترة،
لماذا هي؟
قرّب وجهه نحوها وأجاب:"لأجل عينيكِ اللتان ذبتُ بهما من الوهلة الأولى."
:"هاا؟!" خرج هذا الصوت الاستنكاري منها وانفجر الآخر مقهقهًا يتابع:"ياللهول عليكِ أن تري وجهك، تعبيرك لن أنساه أبدًا..." واستمر يضحك بشدّة ثم ذهب ناحية سريره يجلس وهو يسمع غوين ترد بوجه جامد:"مضحك للغاية، انظر لي سأموت من الضحك." فضحك مرة أخرى.
أثناء سماع ضحكاته المزعجة رددت غوين:"بدون مزاح هذه المرة، لمَ اخترتني؟"
:"ألم تنظري لنفسك حين كنتِ تجادلين سلايث في الألعاب؟ عزيزتي الجميع يولد بموهبة ما وأنتِ ولدتِ بفم كبير،
لو كنتُ أنا كانت لتتبجح ما إن أذكر سيرة راث وتخبرني أن علي تخطي موته،
لو كان احدًا آخر ما كان ليصمد أمامها، لذا اخترتك." ردّ آرثر.
:"لأن لساني سليط والباقون كانوا ليحترمونها؟" أعادت غوين صياغة ما قاله وأكّد لها الآخر:"بالضبط."
:"ما هي عقوبة ضرب ولي العهد والصراخ'سأقتلك'" بوجهٍ خالٍ من الملامح قالت وأجاب:"قطع الرأس."
:"إذًا لنتقابل في الجحيم."
أردفت وهي تستقيم وتأخذ الوسادة الصغير بجوارها لضربه بها
:"سليطة لسان؟ أهذا عُذر؟ لقد نزع النوم من عيني ولم آكل وأغمي عليّ وقابلت جيرين واتهموني بأنني عشيقتك وتعرّضت للتحرش والإهانة بسبب تلك المهمة الغبية، في النهاية تخبرني أن سبب اختياري كان لأن لساني سليط؟ لن أرحمك!"
تعالت ضحكات آرثر وهو يتظاهر أن تلك الضربات تؤلمه ثم قال:"لكنني فخور بكِ غويني،
أنتِ رائعة."
حاولت اخفاء خجلها الذي فضح احمرار وجنتيها وزادت في ضربه وهي تتابع:"لا يمكنك خداعي بكلامك المعسول، أطالب بمقابل مادّي."
:"حسنًا حسنًا، توقفي الآن." وبالفعل توقفت، وجهه كان محمرًّا من كثرة الضحك، شعره قد فقد هندمته
مظهره كان لطيفًا وجميلًا،
ليس الأمر أنها معجبة به أو ما شابه لكن خفق قلبها لأنها لم تعتد بعد على جماله هذا هو الأمر.
بينما آرثر فاستقام بعد أن لاحظ توقفها وهدوءها فجأة وقال:"أهناك خطب ما؟ لماذا تحدقين بي هكذا؟" تلعثمت غوين فورًا وقالت:"لا تقلق، لقد سرحت في أفكاري فقط."
أومأ آرثر ولم يفكّر كثيرًا، ربما لا تزال تحب إليوت وتفكّر به وهذا -رغم أنّه يغضبه- ليس من شأنه فترك الحديث بالأمر وقال:"غدًا ستكون هناك مفاوضات أخرى، لا أحتاج لتذكيرك بأن تثبتي على موقفك، إن أظهرتِ أي علامات للتردد قد تخسرين المفاوضات بأكملها."
جلست على الفراش ما إن ابتعد آرثر وبدأت تستمع له بحرص
:"ألن تعاتبني لأنني ناديتك باسمك الأول أمامهم؟ تلك الأميرة كانت لا تنفك تدور وتعود للموضوع؟ رغم أنني لم أقصد..."
قاطعها آرثر:"لو كنتُ سأتضايق لأنكِ تناديني باسمي بدون الكلفة لم أكن لأعرض عليكِ أن تفعلي في المقام الأول، لذا لا تقلقي." صمت وهلة وتابع:"أي شخص يضايقكِ فقط أخبريه أنني سمحتُ لكِ، سيصمتون فورًا."
أومأت وبدأت تتثاءب، لقد تعبت بالفعل، هذا اليوم بدا وكأنّه طويل للغاية، بالأخص هذه الليلة.
رفضت إليوت، عملت بجنون لأجل المهمة التي كلّفها بها آرثر، سافرت مسيرة عشر ساعات مع شايتا، قابلت غوين السابقة التي لسبب ما نست كلّ شيء عن لقاءهما، تعرّضت للتحرّش ثم أصبحت مستشارة آرثر وبعدها تفاوضت مع تلك الأميرة.
لكن أفضل جزء حين قال آرثر أنّه فخور بها، ابتسمت مرة أخرى حين تذكّرت جملته بينما تحاول أن تبقي عينيها متفتحتين قدر الإمكان.
بينما آرثر فكان يفتح درج المكتب في غرفته يبحث عن شيء ما ويقول غير منتبه لغوين التي تصارع النعاس:"الدوق جيرين طلب مقابلتك، لا أعرف سبب خوفك الشديد منه أخبرتك لن يضايقكِ طالما أنتِ مستشارتي ولن يطلب تحقيق إلا حين يستأذنني أولًا، ولا تقلقي جيرين راقٍ ويقدّس الدماء النبيلة، لن يقوم بأي فعل يقلل من احترامك حتى لو أُثبتت عليكِ التهمة، على أي حال اذهبي له وساعطيكِ..." بتر جملته عندما التفت لغوين بعد أن اخرج خطابًا مقفلًا من درجه.
كانت غوين نائمة بالفعل.
:"أو سأعطيها له بنفسي." أعاد الخطاب إلى الدرج واقترب ناحية غوين النائمة يتمتم:"سيئ للغاية غوين، أين سأنام؟!"
نظر للفسحة بجانبها وصمت برهة يقلّب الأمر في رأسه
أينام هو الآخر على السرير وعلى الأرجح ستسيئ غوين الفهم وأي كائن حي يراهما وستظهر شائعة ان غوين عديمة الشرف لخيانتها زوجها؟
أم الأريكة وسيعاني من آلام الظهر؟
في النهاية ولأنه أمير ومن واجبه حماية رعيّته قرّر ان ينام بجوار غوين، وسينقذ شرفها لاحقًا.
وتمتم:"آلام الظهر مزعجة، آسف غويني." قبل أن يتمدّد بجوارها تاركًا فسحة صغيرة
وبدأ بفرد الغطاء على كليهما لأن فستان غوين خليع قليلًا ومن المحتمل ان تصاب بالبرد.
ابتسم لنفسه لأنه يراعي أصدقاءه.
:"وسيم، ذكي ويراعي أصدقاؤه، كم انتِ محظوظة بي غوين." تمتم قبل أن ينام هو الآخر.
وجودها معه جعل الأصوات تختفي، هذه ستكون أول ليلة هادئة له منذ مدّة طويلة.
___________________________________
STOP RIGHT HERE:-
آرثر مثال الصاحب اللي الله يحرمنا منه💀
وشوفنا أول لقاء لغوين السابقة🤡
كلاون كبير اد الدنيا.
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro