١٤
فينيكس كانت تشعر بالجو الكئيب عصر هذا اليوم، بانشي لم يتحدث إليها وداركوس يغلق الغرفة على نفسه منذ الصباح.
اتجهت إلى الحديقة الخلفية حيث يعتني بانشي بالنباتات، كان يقتطف الأوراق الصفراء اليابسة وينظف التربة ويضع كل تلك الأشياء في دلو بجانبه، هو يعرف أن فين واقفة خلفه لكنه لم يعلّق.
"ما بك يا بانشي؟"
حرك رأسه "ليس بالشيء المهم أنا متعب فقط"
"هل تريد أن أساعدك؟"
رفع كتفيه "إفعلي ما يحلو لكِ"
يبدو غريب جداً اليوم، لكنها لا تأبه بهذا بما أنه سمح لها أن تفعل ما يحلو لها.
"سأزرع بذور دوار الشمس إذاً"
حرك يده بلا مبالاة وأضاف "البذور والمُعدّات في القبو، إفتحي ذاك الباب هناك وستعثرين على الأغراض"
سارعت فين وفتحت البوابة الموجودة في الأرض، كان من المذهل رؤية الكثير من أنواع الورود، رغم أن حديقتهم فيها أشجار فقط، من الغريب أن بعض أكياس التراب الورقية عليها بقع صغيرة حمراء كأنها دماء جافة، بينما كانت تمشي بين الرفوف اصطدمت قدمها بشيء غريب.
نظرت للأسفل ووجدت شيء يلمع، لم تتمكن من رؤيته جيداً بسبب المصباح التالف هنا لذا جلست القرفصاء وحملته بيدها، إنه سِوار فضّي منقوش فيه حرفان، قفزت من مكانها عندما أدركت أن هذا سِوار دان، هي تعرفه جيداً لأنها هي من أهدته إياه في بداية علاقتهما قبل أن يظهر وجهه الحقيقي.
كانت الحروف المنقوشة فيه قد جمعت دماء جافة في شقوقها وهذا ما أثار ذعرها وجعلها تركض إلى غرفتها تاركة بانشي في حيرة من أمره.
رمت السوار فوق الطاولة وهي تأخذ أنفاسها، ماذا قد يفعل دان هنا، ولماذا توجد دماء واضحة عليه. كانت تراودها الهلاوس أنه يختبئ في إحدى غرف هذا البيت الصخم، مخاوفها بدأت تكبر وهذا دفعها للجوء لصديقها.
طرقت باب داركوس بعنف "إفتح لي!"
أدار داركوس المفتاح سريعاً وخرج من مكانه، كانت يدي فين ترتجف وهذا أثار ذعره "ماذا هناك!؟" قال بينما يمسك كفّيها لعلها تهدأ.
"دان، كان هنا!" همست كأن المعني سوف يسمعها، داركوس لم يفهم كيف عرفت بهذا، لقد أخافه جيداً حتى لا يرجع.
لم يرغب بتركها تستمر بهذا الإرتعاب فتلفظ "إهدأي، دان لا يستطيع الدخول! هو غير موجود بعد الآن"
"ولكنه كان هنا رأيت سواره في القبو بأم عيني!"
"ماذا، عن أي سوار تتحدثين؟"
أخذته فين من يده باِستعجال إلى غرفتها، نظرت للطاولة وكان السوار قد اختفى.
فين بدأت تفقد أعصابها وتبحث في كل زوايا الغرفة بينما تردد "لا، هناك شيء خاطئ"
أمسك داركوس معصمها ليوقفها عما تفعله واستطرد "إسمعي، أنا أصدقك، فقط إهدأي… سأجد حل لهذا، لا تخافي هذا المكان آمن، أرجوكِ لا تضغطي على نفسك"
خللت أصابعها في شعرها وجلست على سريرها، لقد رأت السوار ولمسته بيديها، كيف لكل هذا أن يكون خيال؟ هناك شيء خاطئ هنا.
داركوس خرج وعثر على بانشي في مكانه في الحديقة الخلفية وهو يضغط على التراب بيديه، نهض عن الأرض سرعانما رآه وأخرج السوار من جيبه، كان هو من أخذه من الغرفة بسرعته الخارقة. لقد عرف أن عليه اللحاق بفين عندما هربت من القبو بشكل غريب.
اقترب داركوس إليه والتقطه ليخبئه في سترته سريعاً ليضيف بانشي "لقد رأيت فين تركض وتعابيرها غريبة، عرفت أن هناك شيء ليس على ما يرام لذا أخذت هذا…"
ربت على كتفه قائلاً "لقد أنقذت حياتي، لا أصدق كيف غفلت عن شيء كهذا"
كان بانشي يهمس "إذهب وتحقق من القبو مجدداً، ربما نسي فيه شيء آخر"
فين كانت واقفة أمام نافذة إحدى الغُرف المُطلّة على الحديقة الخلفية ورأتهما يخبئان السوار، لم تعد تصدق ما تراه عينيها، لماذا قد يفعل داركوس شيء كهذا…
عادت إلى غرفتها بسرعة قبل أن يكتشفوا أنها استرقت النظر، أقفلت الباب على نفسها فهي لم تعد تشعر بالأمان بعد الآن، كانت تحاول إيجاد عذر لهما لكن لم تقتنع بهذا.
حملت هاتفها واتصلت على غرايدي وهي تذرع الغرفة ذهاباً وإياباً، أجابها بعد وقت طويل "مرحباً فين! أنا في موعد غرامي، هل هناك شيء مهم"
"اوه! أنها آسفة لمقاطعتك… هذا ليس شيء مهم كنت أرغب بالتحدث فقط، لا يهم، إستمتع بموعدك حسناً! أنا آسفة لإزعاجك"
"حسناً لا عليكِ، إلى اللقاء!"
أنهت المكالمة لتظهر لها قائمة الدردشات، كانت تستطيع رؤية رسائل دان القديمة، هي لم تفتحها بعد، أخذت نفس عميق وضغطت على رسالته بخوف كأن الدردشة سوف تصعق إصبعها.
كتبت له بتردد "مرحباً"
أجابها على الفور "فينيكس حبيبتي! هل أنتِ بخير؟"
"هل عثرت على مكاني يا دان؟"
أخذ وقت طويل وهو يكتب "أجل! يجب أن تهربي في الحال! هذا الرجل وحش، يستطيع تسلق الجدران ولديه أنياب، لقد امتصّ دمائي وتلاعب بذكرياتي وأبرح حراسي الشخصيين ضرباً، يجب أن تهربي من هناك، لن أستطيع إنقاذك إن لم تبتعدي عن ذلك المنزل أولاً، فقط أخرجي من هناك بأي حجة إذهبي لأي مكان آخر وأنا سأعثر عليكِ"
كانت عيني فين تتسع وبصيرتها تصبح ضبابية والهاتف يرتجف مع يديها، انتابها صداع قوي جداً جعلها تمسك رأسها وتضغط عليه وهاتفها سقط أرضاً، كانت تشد على أسنانها، عقلها يحاول نسج صورة ما.
ذاكرتها جعلتها تشاهد غرفة داركوس وهو جالس فوقها، عينيه حمراء تتوهج في الظلام وأنيابه بارزة وهو مستعد لعضها. هذه الصورة ليست من نسج خيالها هي متأكدة، رغم هذا لم تكن واثقة بهذه الفكرة وبكلام دان، مشاعرها نحو داركوس والوقت الذي قضته معه تنكر كل هذا.
قفز قلبها من مكانه عندما سمعت طرق على الباب، كان ذلك داركوس يحاول الإطمئنان عليها "فين، هل يمكنني الدخول؟"
"لا! أنا مشغولة، لا تقلق أنا بخير الآن"
"حسناً… إذا احتجتِ أي شيء، أي شيء! أخبريني" غادر إلى غرفته وفين بقيت هناك تراجع أفكارها، مرّت نصف ساعة وهي تحاول صنع حجج تنفي أن داركوس مصاص دماء.
أمسكت هاتفها بإرهاق وأغمضت عينيها بقوة وهي تتمتم "ماذا أفعل… هل فقدت عقلي بالفعل…"
اتجهت لمحرك البحث وكتبت مصاص دماء في البداية لترى ماذا سيظهر لها، قرأت الكثير من المواضيع إلى أن وصلت إلى موقع خاص بالخرافات وعندها اكتشفت أن مصاص الدماء لا يظهر انعكاسه في المرآة ولا في آلات التصوير.
"سأحسم الأمر إذاً" تمتمت لتنهض من مكانها وتفتح الكميرا، بدأت بتسجيل فيديو ووجهت هاتفها للأسفل لتمشي إلى الخارج، كان قلبها يخفق بعنف، بانشي كان ينظف الغبار عن اللوحات المعلقة في الممر، ابتسم لها لتبادله الإبتسام وتسأل "أين داركوس؟"
"إنه في غرفة المعيشة، لقد أتلف شاشته وهو يستعمل شاشة التلفاز لألعاب الفيديو الآن"
"سأذهب للعب معه والتأكد من أنه لن يتلف التلفاز أيضاً" لم تعرف لماذا تتصرف بغرابة الآن، إنها تصنع جهد حتى لا تفضح نفسها.
وصلت لغرفة المعيشة وكان داركوس جالس على الأرض ويضغط على جهاز التحكم بسرعة، لعبة إطلاق النار على الزومبي، المفضلة لديه، اقتربت أكثر حتى تراه الكميرا بشكل أفضل.
فاز في الجولة ليصيح "أجل! أخيراً! فين؟ ماذا تفعلين هنا، هل تريدين اللعب؟"
حذت خطوة للخلف ووضعت هاتفها في جيبها فوراً لتتفوه "لست متأكدة… أعني… أنا أعاني من الكوابيس في الفترة الأخيرة، يجب أن أبتعد عن ألعاب الرعب"
رفع داركوس كتفيه "يمكننا أن نلعب شيء آخر"
"لا، أشعر بالنعاس في الحقيقة، سأنام قليلاً" استدارت ومشت بسرعة إلى غرفتها وهي تشتم نفسها في كلامها العقلي، إنها تثير الشكوك لا إرادياً.
أقفلت باب الغرفة وجلست مكانها حتى تشاهد الفيديو الذي سجلته…
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro