١١
فين كانت واثقة أنها استيقظت بسبب قبلة على خدها، لكن بعدما فتحت عينيها أدركت أنها كانت تحلم. يبدو أن جفافها العاطفي اخترق حدود الوعي. كان في حلقها طعم سيء جداً.
تحركت إلى الحمام وهي تشعر بحال أفضل بكثير من الأمس، كانت تنظر في المرآة وعندها لاحظت وجود بعض الدماء الجافة حول أسنانها.
غسلت أسنانها واستحمت سريعاً لتجلس في سريرها وتراسل غرايدي "هاي… أعتقد أني بدأت أموت، استيقظت وكانت أسناني مليئة بالدماء"
غرايدي لم تصله الرسالة، هو بالتأكيد يعمل الآن، ارتمت في سريرها لتتمتم "ما الذي يحدث…"
لم تقدر على البقاء بين أفكارها لتنهض إلى الخارج، كان داركوس يقفل الباب على نفسه لذا اتجهت إلى المطبخ وعثرت على بانشي يتحرّك بين المغسلة والموقد والطاولة.
"صباح الخير فين، آمل أنكِ بخير"
"لا أعرف إن كنت بخير فعلاً، لقد استيقظت ووجدت دماء جافة في فمي، أعتقد أنه حان الوقت لأقوم بفحص طبي"
توقف بانشي في مكانه بذهول "حقاً! هذا غريب جداً. قومي بالفحص الطبي فعلاً، أستطيع إعطاءكِ المال إذا احتجتِ"
تبسمت بجانبية "لا أبداً، شكراً على اعتنائك بي يا بانشي"
"وماذا عني، أنا أعتني بكِ كذلك" أفزعها صوت داركوس المفاجئ مباشرة من خلفها، هي لم تسمع خطواته حتى.
حدّقت في وجهه مثل العادة "لقد أخفتني!"
"تريدين الذهاب للطبيب؟ متى؟ أريد الذهاب معك"
"يجب أن أحجز موعد في البداية" قالت وهي تخرج هاتفها من جيب سترتها وتعيد تشغيله، سرعانما عاد للحياة صدح صوت تنبيهات الرسائل والمكالمات بلا توقف ما جعلها تضع هاتفها في وضع الطائرة على الفور وتتنهد. لقد نست أمر هذه الرسائل للحظات.
بانشي كان يملؤه الإستغراب "ما كان هذا؟"
"لا شيء إنها رسائل من مواقع التواصل" أجابت بتهرّب وهي تسير إلى غرفتها لكن داركوس لم يقتنع ولحق بها على الفور.
كان يقف أمام بابها الذي أغلقته للتو وهو يركّز بكل حواسه عليها، هي كانت تدور في الغرفة بينما تحدق في هاتفها، بدت متوترة وخائفة بقوة.
جلست على السرير وضغطت على التسجيل الصوتي الذي أرسله دان.
"فينيكس… لقد لعبنا وتسلينا كثيراً، ألم يحِن الوقت لترجعي إلى حبيبك؟"
بدأت فين تشتم، كانت تضغط بقوة على لوحة المفاتيح وتكتب له أن يبتعد عنها، وهو أرسل لها إجابة في تسجيل صوتي "صغيرتي! في الأمس عثرت على كل حساباتك الشخصية ورقم هاتفك، غداً سأعرف أين تسكنين"
رمت هاتفها من يدها بعنف ليرتطم بالجدار وينكسر، لم يكبح داركوس نفسه ودخل الغرفة قائلاً "ما الذي يحدث! أأنتِ بخير؟"
بدت ملامحها مليئة بالفزع، بالكاد تقف على قدميها، حركت شفاهها المرتجفة "آسفة… آسفة لم أقصد كسره"
كان من الواضح جداً أنها خائفة، كانت تحدق فيه كما لو أنه سيقتلها، اقترب إليها ببطء "لا بأس فين، كل شيء على ما يرام"
لم يتقبل فكرة أنها خائفة منه ولم يفهم لماذا، قيدها بذراعيه ووضع رأسها على صدره ليستطرد بصوت خافت "إنسي الأمر"
"أنا آسفة" همست والدموع تتجمع في عينيها، لم تتخيل يوماً أنها ستنهار أمامه هكذا أو أن داركوس سيتعامل معها هكذا عندما تفعل، لقد عاشت في حرب نفسية مع دان وطريقة حياته جعلتها تنسى كيف يعيش الناس العاديين.
كان يمسح على شعرها برقّة بينما هي تعتصر سترته في كفيها، لم تستطع التوقف سرعانما سقطت أول دمعة، دان يجعلها تشعر بالعجز وفقدان الأمل.
"أرجوكِ فين توقفي عن البكاء… أنتِ… تؤلمينني"
"أنا آسفة…"
طقطق بلسانه فاقداً للصبر "توقفي" استطرد وفصل العناق، كان يمسح دموعها بأصابعه ولكنها لا تتوقف عن البكاء ما جعله يطقطق بلسانه مجدداً ويهمس "حسناً لا يوجد حلّ آخر"
حمل هاتفه لدقائق "ذكّريني ما كان اسم فرقتك المفضلة الغريبة تلك؟ اوه عثرت عليهم"
وجّه شاشة هاتفه إليها "أنظري لقد حجزت ثلاث تذاكر لحفلة فرقتك المفضلة"
"ماذا!" قالت من بين شهقاتها لتضع يديها على فمها باِنهيار "لماذا تعاملني بلطف مفرط هكذا…"
عانقته ليعقد داركوس حاجبيه "ولكنكِ تبكين أكثر الآن"
"أنا أبكي لأنك لطيف جداً… شكراً لك، لم أعرف أن دموعي غالية لتلك الدرجة"
تنهد ليتفوه "ليس وكأن التذاكر مصنوعة من الماس… أ_أنتِ تصبحين قبيحة عندما تبكين"
"بالنسبة لي هي كذلك" قالت بينما تمسح دموعها، لقد توقفت أخيراً وأفرغت كل طاقتها السلبية في سترة داركوس، كان يحدّق ببقعة الدموع الكبيرة التي تركتها ويتلفظ "الآن… أخبريني لما كل هذه الدراما؟"
"ماذا تعني أي دراما؟"
رمقها بنظرة سامة "مَن هو دان!"
"كيف تعرفه!"
"أنتِ تُهذين بإسمه دائماً! أنتِ دائماً خائفة منه، ألم يحن الوقت لتشاركيني سرّك وتنتهي من هذا الأمر؟"
حركت رأسها "لا أستطيع" كانت تتقهقر ما جعل داركوس يقبض على ذراعها "لن تذهبي لأي مكان قبل أن تخبريني!"
حدّقت في قبضته بنظرة غريبة، بل كانت تنظر في كل شيء إلا وجه داركوس، كانت الدموع تتجمع في عينيها من جديد إلى أن نطقت بنبرة يتخللها الإرتجاف "دان، إبن أكبر سياسيّ في البلاد، كان حبيبي"
يد داركوس ارتخت وأفلتت ذراعها، كانت فينيكس طوال الوقت خائفة من هذا الشخص، وتراودها الكوابيس عنه… داركوس توقع شيء كهذا ولكنه تناسى الأمر، الآن لا شيء سيُطفئ غضبه.
دفع كتفيها بخفة نحو السرير قائلاً "حسناً… لنهدأ قليلاً، إجلسي"
فينيكس كانت ترفع أكمامها لأول مرة أمام أحد، وضعت معصميها ذوي الندوب بجانب بعضهما "أُنظر… هذا ما تركه لي…"
"هل كان يضربك؟" استطرد داركوس بخفوت على أمل أن يكون توقّعه خاطئ.
لتطلق فينيكس ضحكة هازئة وتسقط دمعة لها، مررت كفها على خدها لتمسحها وتجيب "كان عليك أن تقول، متى لم يضربك… إن ظهري مليء بالندوب واعتدت على رؤية وجهي أزرق اللون عندما كنت هناك"
كانت عيني داركوس مليئة بالصدمة، ارتمى بجانبها كما لو أنه سقط "أنا… لم أعرف بهذا… أنا آسف"
حركت رأسها برفض "إنه ليس ذنبك، أنا فقط أخشى أن يعثر علي ويسبب مشكلة لكم"
"لا تقلقي فين… ليس عليكِ الخوف منه بعد الآن، سأحميكِ من كل شيء، أعدكِ بذلك"
فينيكس لم ترغب يوماً أن تفشي هذا السر لكنها وجدت أن داركوس يستحق أن يعرف الحقيقة وأخبرته عن حبيبها السابق المُختلّ دان، وكيف كان يحتجزها في منزله ويمنعها عن الخروج، وفي كل مرة تحاول الهرب يجب أن تستعد لتلقّي الضرب.
والد دان السياسي العظيم وجد أن ابنه سوف يسبب فضيحة إذا اكتشف الإعلام أنه اختطف فتاة، لذا هو من ساعد فينيكس على الهرب، بالمقابل عليها أن تختفي وكأنها ماتت وتغلق فمها عن هذا الموضوع وإلا سوف تُقتَل.……
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro