الفصل السادس عشر
مرحبا قراء وسامي الغاليين
استمتعوا بالفصل
الفصل مصيري و ينقلنا لأحداث جديدة
*
هناك ليالي طوال نمضيها و نحن نعض أصابعنا ندما
حينما لا ينفع الندم ولا يمكننا حتى الشعور بسعادة ما سعينا له
و أنا أمضيت الكثير من هذه الليالي
كنت أقف منتظرة على نافذة الخيبة و أدري أنني آذيت الكثيرين من قبل
تلك الفتاة التي أحبها تشانيول و التي باتت زوجة صديقه المقرب
هي كانت تبادله المشاعر بذات العمق و ربما أكثر و لكنني ردمت ذلك العمق
انتزعته من قلبها و هي أمامه تصرفت كأن ما بينهما لم يكن سوى صداقة
وقتها لم يكونا قد اعترافا بحبهما لبعضهما ، كانا فقط يخرجان معا و يمضيان جل وقتهما كذلك معا
كانت أكثر حضا مني أنا التي كنت الشخصية الشريرة في القصة
وجدت رجلا آخر يحبها فبادلته بعقلها ليتما تمكن من اختراق قلبها و هي للآن لا تزال تتصرف أمام تشانيول كأنها كانت فقط صديقته
جلست في رواق المستشفى بتعب بينما أضم ذراعيّ لي ، القلق ينهشني و الندم لا يتركني بحالي
منذ جلبت داي و أتيت هنا لم يقل أحد كلمة طمأنتي بل كل كلامهم و اياي كلام يثير الكثير من الخوف في قلبي
يجعلني ذلك الكلام أفكر أن العقاب سيحل علي و أنني سوف أمتحن في أغلى ما أملك ، و أغلى ما لي هو داي
تنهدت و أسندت رأسي للخلف لأميل رأسي و أحدق بالهاتف القريب و تنهدت بقوة
اتصلت كثيرا به و لم أجده ، أنا بحاجته في هذه اللحظات ، و هو سيلومني بقوة على عدم اخباره
دفعتني أتحرك رغما عني رقم التعب الذي أشعر به جراء الخوف و الانتظار
اتصلت بالمكتب فلم تجب سوى مساعدته التي قالت أنه لم يعد منذ غادر المكتب عند الظهر ، أقفلت و اتصلت بالمنزل لربما يكون هنا لكن الهاتف رن بدون أن يجيب أحد لذا تنهدت و وضعت السماعة مكانها حينها سمعت صوت الباب يقفل
التفت بسرعة و تقدمت نحو الطبيب الذي غادر غرفة الفحص التي كان فيها داي
حدقت بعينيه و تساءلت بلهفة
" كيف حل ابني ؟ "
" لقد استيقظ "
" حقا اذا يستطيع أن يغادر المستشفى ؟ "
قلتها بفرحة لكن الطبيب واصل
" سيدة بارك التحاليل سوف تظهر نتيجتها في الغد صباحا و داي لا يمكن أن يغادر المستشفى في الوقت الحالي ... أخشى أن اقامته هنا سوف تطول "
هز الخوف جدران و شغاف قلبي فوجدت الدموع تحارب حتى تصل مقلتي و هنا تساءلت بهمس خائف
" مما يعاني ابني ؟ "
" لا يمكنني الجزم و لكن أعتقد أنه اللوكيميا "
توسعت عيني و دقات قلبي باتت مسموعة لدرجة لم أتمكن من سماع ما قاله الطبيب من بعد جملته تلك ، وضعت كفي على ثغري و نفيت ، لا يمكنني تصديق أن داي حبيبي الذي داريته بشغاف قلبي تأذى لهذه الدرجة
لم أشعر سوى بالممرضة و الطبيب يسندانني و يجلسانني على المقعد الذي كان بجانبي
" سيدتي ... "
عندها رفعت نظراتي نحو الطبيب و كل ما تمكنت من قوله هو تساءل اجابته من الحياة لا يمكنني تحملها
" هل ابني سيموت ؟ "
*
نحن نسرق السعادة و ندري أنه من بعدها ستكون هناك الكثير من التعاسة و الحزن
أنا لست ضعيفة و لست خاضعة للحب
أنا فقط أحاول أن أستغل كل لحظة قبل أن يسرق مني هذا الحب
فبقدر ما أحببت هذا الرجل أدري أنه لن يكون لي
أدري أنه سيؤذيني بابتعاده في يوم
إلا أنني و من البداية كنت أدري أن ما بيننا لا يمكن أن يكون حقيقي
وقفت أمام النافذة الكبيرة و أبعدت الستار الأبيض ثم ضممت نفسي بذراعيّ بينما أحدق بالأمواج المتلاطمة بقوة ، إنها تكسر عند تلك الصخور القوية و أنا قلبي لن يكون سوى موجة شديدة العلو ، موجة تسحب في طريقها كل شيء لكن بالنهاية سوف تكسر على صخوره هو وحده
أدري أنه سيكون أكبر مصدر للحزن لاحقا بحياتي لكنني أحاول تحضير قلبي لتحمل ذلك ، سوف أتركه يذهب و أنا أبقي على حبه في قلبي ، ذلك الحب و العشق سوف يعيناني حتى أعيش ما تبقى من عمري
أغمضت عينيّ و لحظتها كل البرد الذي يضمني اختفى و بمحله كان هناك دفئ
لقد ضمني من الخلف عندما وقف خلفي و شعرت بشفتيه تضعان قبلة على خدي الأيمن فشعرت بحرقة شهية و أملت رأسي اليه أحدق به
" كيف وجدت المكان ؟ "
" أحببته ... أحببته لأنه في هذا المكان سوف تكونين لي وحدي ، سوف أقترب بدون أن تحاولي ابعادي ، سوف أقبلك بدون أن أفكر أن هناك من سيمسح قبلتي و لمستي من عليكِ "
ابتسمت و كلماته أشعرتني بالبهجة أكثر و التفت له ، وضعت كفيّ معا على وجنتيه و حدقت بعينيه ، رأيتني بقلبه و لكنه يحب الاحتفاظ بالقسوة ، إنها طريقته لحماية نفسه و أنا لا ألومه
" هل ستصدقني إن أخبرتك أن كل قبلتاك لا تزال موسومة عليّ ، أن كل لمساتك لم أسمح بأن تمسح من على جسدي "
باتت نظرته أكثر قوة و أكثر ثقة بكلامي ذلك فرفع كفه و هذب بعض خصلاتي
" نحن خائنين لكن بذات الوقت وفيين جدا لبعضنا "
" نحن سيئين بحق الآخرين "
" و الآخرين كانوا سيئين بحقنا .... لا أحد سيكون قاسي بدون رحمة من فراغ ميوك "
" سوف يقول الناس أنها مجرد حجج واهية نرمي عليها سوءنا "
" نحن لا ننكر سوءنا حتى يتهموننا أننا نرميه على أمور حدثت لنا "
" لكن أتدري ؟ ... الناس لن يدروا عنا فلما نفكر بما يمكن أن يقولوه عنا ؟ "
" نحن نهايتنا الفراق سواء علم الناس بنا أو لم يعلموا "
" أدري ... ذلك سيكون مصيرنا ، سواء قبلنا أو رفضنا "
" من الأفضل أن نهيئ أنفسنا لهذه الحقيقة "
" مهما هيئنا أنفسنا لها سوف تكون صعبة "
" و لكن إن جرحنا بعضنا لن تكون صعبة "
عندما قال ذلك أنا أبعدت كفي و انسحبت من حضنه ، مشيت خطوتين و نفيت عندما وليته ظهري
" لا يمكنني جرحك "
" يمكنكِ "
قالها عندما وضع كفيه على كتفيّ فالتفت له من جديد
" عندما تريد المغادرة غادر فحسب و تذكر أنني امرأة خانت زوجها حينها سترى أنني سيئة و سوف تتمكن من نسياني "
قلتها فصمت قليلا بينما يحدق بعينيّ ثم نبس بهدوء لكن باصرار
" أنا سوف أجرحكِ "
" هل تعتقد أنك عندما تجرحني سوف تجعلني أكرهك و أنساك ؟ "
" ليس تماما "
" افعل ما تشاء عندما يحين ذلك الوقت لكن الآن لننسى هذا الحوار و أخبرني ما الذي تريد أن تأكله ؟ "
" هل ستطهين لي ؟ "
" سوف أفعل أجل "
" لنخرج أولا و نسير بجانب الشاطئ "
" الأمواج عالية و السماء محملة بالغيوم الثقيلة "
" و أنا أحب هذه الأجواء "
" اذا لنخرج "
قلتها و مددت كفي له فحدق بها ثم رسم بسمة على ملامحه و أمسك بها و خرجنا ، سرنا في الشاطئ الرملي و كنا قريبين من الأمواج حيث تلفظ أنفاس قوتها الأخيرة
" ميوك "
نبس باسمي فأغمضت عينيّ و شددت أكثر على كفه فعاد و نبسه من جديد
" ميوك "
حينها توقفت و أوقفته ، التفت له و رفعت نظراتي نحوه فتحرك شعري القصير بسبب قوة الرياح و عند لمحي له و لخصلاته القصيرة التي تحاول تحريكها الرياح كما تفعل بخصلي شعرت أنني ضائعة ، أدركت الآن فقط ما معنى أن تحب شخصا و لن تنتظر منه أي شيء
ابتسمت و هو واصل حديثه
" أنت لم تخبريني ما الذي حدث لك بالضبط عندما عدت لوالديكِ ... ما الذي قاله والدك و كيف "
حينها نفيت و شعرت بالدموع تملأ عينيّ
" لا ... لا يمكنني أن أواصل الحكاية ، هذا الجزء منها هو الأكثر ألما صدقني ، يكفي ما تعلمه ، لقد طردني و رفض الاعتراف بعودتي و هذا أكثر من كافي "
قلتها و حاولت سحب كفي فأمسكها بقوة و سحبني يضمني له ، تمسكت به عندما أغمضت عينيّ و همست
" مهما بدوت لك قوية و امرأة ناضجة تأكد أنني لست سوى تلك الطفلة التي تم سرقتها من نفسها "
" أدري "
أبعدني عنه لينظر بعينيّ ، بكفه مسح دموعي التي خانتني و نزلت على خدي ثم قبل خدي واحدا تلوى الآخر عندها خرجت مني قهقهة
" هل تعتقد أنني طفلة سوف ترضى بقبلة ؟ "
فضم وجنتي بكفيه و رفع لي نظراتي نحو نظراته
" أنت المرأة الأكثر كمالا التي التقيتها في حياتي و أدري أن قبل الأطفال هذه لن تطفأ الشوق بيننا "
أمسكت بكفيه و أزلتهما عن وجنتي ، أبقيت على كفه بكفي و تأففت من قوة الرياح
" لنعد للمنزل حتى أتمكن من تحضير شيء للعشاء "
" هيا لنعد و غدا نقوم بجولة "
*
في حياتي تلقيت الكثير من الخيبات و الطعنات
عوملت بازدراء و كنت مجرد شاب لا مستقبل له في عيون الأعلى منصب و مكانة
كان قلبي مليئا بالمشاعر و لكن هم من دفعوني لحرقها
فتحولتْ و اياها قلبي لمجرد رماد حلق بفعل الرياح القوية التي رفضتُ الاذعان لها
و هكذا اختفت المشاعر من قلبي
حتى وقت قريب كنت بدونها لكن الآن أشعر أنني وسطها و هذا لا يناسبني
النار بقلبي لم تنطفئ بعد و بالتالي حتى هذه المشاعر مصيرها الاحتراق
عندما عدنا للمنزل قررت ميوك أخذ حمام و أنا كنت أشعل المدفئة
بعد بعض الجهد تمكنت من اشعال النيران فوضعت مزيدا من الحطب داخلها حتى لا تنطفئ النار بسرعة
حركت الحطب بتلك الأداة الخاصة و عندما استقمت رأيت ميوك تنزل الدرج
ترتدي ثوب نوم رمادي مع ردائه العلوي ، كان قصيرا و بدت أنها تشعر بالراحة
كان شعرها القصير حرا و لا يزال رطبا بينما تسير حافية القادمين
سارت نحو المطبخ و أنا وقفت أضم ذراعيّ لصدري من بعيد أراقبها
أخرجت الأغراض التي اشتريناها و نحن في طريقنا و وقفت تفكر
عندها ابتسمت و فككت ذراعي ، اقتربت منها بينما هي شاردة تفكر و لم أمنحها فرصة عندما دفعتها ببعض الخشونة حتى كان ظهرها للجدار الخشبي خلفها
تفاجأت جراء فعلتي فتوسعت عينيها محدقة بي و لكن سرعان ما اختفى استغرابها و هاهي ذراعيها تضمان رقبتي و قدميها الحافيتين وضعتهما فوق قدمي تحاول رفع نفسها لتجاري طولي
" مابك حبيبي ؟ "
" كيف تتصرفين بعفوية أمامي ؟ "
" لماذا ؟ "
" لأنني فجأة شعرت أنني راغب بكِ "
" أمامنا الليل بطوله لتظهر لي رغبتك بي حبيبي "
" و أنا أشعر أن الليل بطوله ... بل العمر بطوله لن يكفيني حتى تنطفئ رغبتي بكِ "
اتسعت ابتسامتها أكثر و هاهي تقترب أكثر مني مميلة رأسها و همست بقرب شفتيّ
" نحن تائهين بين الرغبة و الحب "
قبلتها متجنبا الرد على ما تقول ، لا أريد أن تكون مشاعري تجاهها أكثر من رغبة قوية أفقدتني رشدي
لا أريدها أن تكون حبا فأنا و الحب مثل الملائكة و الشياطين لا يمكننا الالتقاء
بادلتني قبلتي و تحكرت كفيها على خصلاتي القصيرة فشعرت أنني بدأت أفقد السيطرة و هي بسرعة وضعت كفيها بعدما سحبتهما من خصلاتي على صدري و دفعتني بخفة
كان صدرها يتحرك بقوة و تلهث بنعومة لتهمس
" نحن لم نأكل شيئا منذ الصباح و يجب أن أعد بعض الطعام "
" حسنا سوف أجهز الطاولة أنا "
ابتعدت عنها و في طريقي نحو الطاولة التي كانت لا تزال مغطات بغطاء أبيض لمت نفسي ، لمتني على مشاعري التي أفقدها كلما كنت بين ذراعيها
انها امرأة تضمني ، تربت على قلبي و أنا أحببت شعوري ذاك
أبعدت الغطاء فطار الغبار الذي كان عليه ، انشغلت بابعاد الغبار و تنظيف الطاولة ، ثم عدت للمطبخ و فتحت الخزائن أبحث عن الصحون ، و الكؤوس
رأيتها مرتبة في الخزانة العلوية فامتدت كفي و أخرجتها ، صحنين ، و كأسين و لكن قبل أن أقفل الخزانة رأيت صندوق خشبي متوسط الحجم في ركن الخزانة
يفترض به أن يكون بعيدا عن الأعين ، التفت بخفة وهدوء ، حدقت جانبيا بها بينما تعمل و على وجهها هناك بسمة كبيرة ، عدت أنظر للصندوق و قررت تجاهله حاليا
أقفلت دفة الخزانة و حملت الصحنين و الكأسين و ذهبت نحو الطاولة ، وضعتهما متقابلين ثم أحضرت شوكتين و سكينين و عندما انتهيت قررت الجلوس و انتظراها بعيدا ... في الواقع عينيّ لم تبتعد عن تلك الخزانة و فكرت كثيرا
يفترض أن البطاقة هناك ، عندما أحصل عليها سوف أكون حرا من قيود هذه المرأة
هي لم تقل أنها تريد التمسك بي ، إنها تقرّ و تعترف أنه لنا نهاية
يجب أن آخذ البطاقة و أغادر ، علي أن أنهي سونغ هون بينما هو لا يضع في حسبانه أي سقوط حتى لا يتمكن من النهوض
وبينما أنا شارد أفكر و أنظر نحو الخزانة شعرت بها تضمني من الخلف و قبلت وجنتي
" هل هناك ما يشغلك عني ؟ "
حدقت أمامي فكان موضوعا أمامي طبق من السلطة و طبق من شرائح اللحم المشوية بالاضافة للفافات البيض ، متى وضعتهم ؟
التفت لها فابتسمت و ابتعدت
" هل تفكر في داي ؟ "
تساءلت بينما وصلت للمطبخ المقابل ، أخذت زجاجة النبيذ التي كانت موضوعة على بار المطبخ و التفتت حينها انتابني شعور الانزعاج و اعتدلت مكاني مجيبا
" لم أتمكن من رؤيته قبل مغادرة المنزل ... يبدو أنه خرج مع دانبي "
وضعت زجاجة النبيذ بقربي و جلست مقابلة لي لتعكر حاجبيها
" تشانيول هل ستغضب إن قلت شيء ؟ "
" إن كان يستحق الغضب سوف أفعل "
قلتها بينما أفتح الزجاجة ، سكبت بكأسي القليل ثم قربت كأسها و ردت
" يمكنك أن تجاملني و تقول لن أفعل "
" أنت سوف تتحديث عن دانبي و علاقتي بها "
" بالفعل ... أشعر أنك تسحب ابنك لك كأنه ابنك لوحدك ، هل هي والدته الحقيقية ؟ "
وضعت الزجاجة و قربت منها كأسها لتأخذه مني ، أخذت كأسي و حركت شرابي وسطه قليلا لأرفع نظراتي نحو نظراتها المترقبة
" إنها والدته ... لكن داي شخص مميز للغاية بالنسبة لي "
" في النهاية أنت والده فبالتأكيد سيكون أكثر من مميز "
" أنت لا تفهمينني ... الأمر ليس مجرد علاقة أب سيضحي من أجل ابنه ، داي ذلك الشيء الصادق الوحيد في حياتي "
" ما الذي تعنيه ؟ "
" أنا رجل سيء و هذا واضح لك ، لا أقوم بشيء إلا و كان لي به مصلحة ، سوف أفعل أي شيء يمكنك تصوره وما لا يمكنك تصوره "
" الجميع هكذا "
" أعتقد أنني الأكثر سوء و لكن عندما يكون بجانبي أشعر أنني شخص جيد ، إنه يخلصني من مشاعري السيئة ، دائما ما أقول أنه هو وحده من يستطيع لمس الشخص الحقيقي الذي كنت عليه "
" ألا يمكنني أنا أيضا أن أفعل ذلك ؟ "
قالتها بينما تنظر إلى عينيّ فنفيت ، لا يمكنني أن أكذب عليها أكثر
" أنت عكسه ميوك ... عندما أكون معك أشعر أنني أكثر شخص سيء بهذا العالم "
" بسبب الخيانة ؟ "
" طوال حياتي كنت أخون ... الأمر لا يتعلق بالخيانة ، ربما الأمر يتعلق بكِ وحدكِ "
" لا أدري إن كان ما تقوله شيء جيد أو سيء بحقي "
" إنه جيد بحقكِ سيء بحقيِ "
قلتها و أنا أدرك أنني أشعر كذلك لأنني أنوي أذيتها ، أنوي جرحها
" كلما اقتربت أكثر منك بت أكثر غموضا "
" سيزول الغموض قريبا "
قلتها و ارتشفت البعض من شرابي و قررت تغيير الموضوع
" هيا لنأكل "
تناولنا عشاءنا و لم أنسى أن أثني على طهيها ، قبلت كفها و سحبتها من على الطاولة و نحن نحمل كأسينا
جلسنا على الأريكة المقابلة للمدفأة فأسندت نفسها علي أنا الذي كنت قد تخلصت من ثيابي الثقيلة و لم أبقي سوى قميصي الأبيض الذي أرفع أكمامه على زنديّ
شعرت بكفها تتحرك على صدري فأبعدت نظراتي من على النار المتراقصة على أنات و ألم الخشب فابتسمت
" هل تحمل سجائر معك ؟ "
" لماذا ؟ "
" لندخن سجارتين "
" أنا أحمل السجائر معي بالفعل لكن لا أحبذ فكرة تدخينكِ "
" أنا لست مدخنة شرهة لكن أود القيام بذلك معك "
" تبدين مريبة "
" حتى أتذكر وقتنا هذا عندما أكون لوحدي ... وقتها سأدخن سجارة و أراك أمامي في دخانها "
لم أجد ما أقوله و أرد به عليها ، شعوري بالسوء يزيد و بالمقابل اصراري على فعل ما خططت له يزيد كذلك
اعتدلت لتجلس هي كذلك باعتدال قربي و أخرجت علبة السجائر من جيبي
فتحتها و سلمتها سجارة فالتقطتها تضعها بين أناملها و سحبت أخرى من علبتي و قربتها من شفتي ، وضعتها هناك ثم أخذت القداحة و أشعلتها ، قربت السجارة بين أناملها و أشعلتها من سجارتي التي بين شفتي ثم رأيتها تضعها بين شفتيها
أبعدت أنا السجارة و نفخت داخنها فكانت سوف تفعل المثل لكنها سعلت بقوة فسارعت بسحبها منها و هي وضعت كفها على صدرها و نفت
" أتركها ... "
" أنظري لنفسك ... واضح أنك لست مدخنة "
" أريد أن أكون فهم يقولون أن السجارة تحرق الكثير من الهموم "
" إنها كذبة حتى لا يقولون أنهم يقتلون أنفسهم بها "
أخذتها مني من جديد و سحبت من جديد و عادت تسعل و أنا هذه المرة أخذتها منها و اقتربت من المدفأة و رميت السجارتين بداخلها و التفت لها
" هل تريدين قتل نفسكِ ؟ "
رسمت ابتسامة لتترك نفسها على الأريكة مجيبة
" سوف يأتي يوم و أموت ... إن قتلتني أنا أو قتلني غيري "
لم أستسغ كلامها ذلك و اقتربت و لكن هذه المرة أنا من طالبت بها و بحنانها عندما تمددت على الأريكة و وضعت رأسي بحضنها ، أغمضت عينيّ و هاهي الراحة تأتيني ، يؤلمني أنها ليست لي ، يؤلمني أن منزلي و الراحة في حضنها وحدها ، يؤلمني أن أحلامي سوف أبني لبنة أخرى فيها مستخدما دموعها
شعرت بأناملها تخلل خصلاتي و قربت نفسها مني تهمس قريبا مني
" مابك ؟ لما هدأت و صمت فجاة ؟ "
لم أجبها فقبلت رأسي و استمرت بتحريك كفها عليه و أنا شعرت أنني أتلقى كل تلك المشاعر التي انتظرتها على قارعة الطريق بينما أحمل مظلتي و المطر يبلنني
قلبها وحده من تمكنت من الشعور أنه يمكنني تعمير قلعة به ، إنها تحييني أنا ذلك الذي دفنتني بعيدا للغاية
أنا في هذه اللحظات أموت ببطء و إن رفضت الاعتراف
أريد أن أكون وحدي من يمسك بدموعها و منديلها الذي عليه عطرها
في هذه اللحظة أقاومني بشدة و أحتاج لصوت أن ينتشلني من داخلها
أحتاج من يخبرني أنها امرأة مهما بدت مستسلمة لي و متفانية بحبي يمكنها أن تستقيم بعد السقوط
أنا أخبرتني بهذا كثيرا و صوتي لم يعد له صدى بداخلي
تقول أنها سوف تحتفظ بكل لحظة حتى تعيشها مرة أخرى عندما أجرحها و أبعدها عني
في النهاية أعلم أنني من سيعيش على هذه اللحظات
ربما هي سوف يقتلها فعلي لكن أنا سوف تقتلني رموشها المبللة بدمعها عندما لن تكون لي
عندما ترفضني و تخبرني أنها باتت حرة لكن قلبها بات محرما علي
انكاري يجعلني أشعر أنني مقيد و لن أتخلص من قيدي هذا ما لم أكسر هذه المشاعر
مررت أناملها بخفة على رموشي ثم همست
" لقد أخبرتني أن سوبين لم ترقك "
حينها فتحت عينيّ و انتشلتني هي بنظرتها من ذاتي التي تهمس عميقا و بخفوت باسمها
" قلت هذا "
" و قلت أيضا يمكنك فعل أي شيء مهما كان سيء للوصول إلى أهدافك "
" أجل ... قلت هذا أيضا "
أجبتها و نحن لم نبعد نظراتنا عن بعضنا ، استكانت بعض الوقت و كفت أناملها الأخرى عن التحرك بين خصلاتي ثم نبست تتساءل بشك
" هل يمكنك أن تستغل سوبين إن تطلب الأمر ؟ "
و بدون تردد أجبتها
" أجل ... سوف أفعل "
قلتها و انتشلتني من حضنها ، جلست من جديد باعتدال بجانبها ، ضممت كفيّ معا و هي شعرت بنظراتها الحارقة علي
" لا يمكنك أن تقترب منها ... هي لا تزال لم تتخلص من آثار تجربتها السابقة "
حينها ابتسمت و التفت لها مجيبا
" أعلم بالفعل ... و لكن لما كل هذا الانزعاج ظهر عليك فجاة ؟ "
" أنت تعلم بالفعل "
" إن استغليت سوبين هل ستكرهينني ؟ "
حينها هبت واقفة لترد بغضب
" لا شيء سوف يجعلنني أكرهك لذا ابقى بعيدا عنها "
قالتها و غادرت المكان ، صعدت الدرج الخشبي بخفة و أنا شعرت بالغضب جراء ردها الأخير هامسا به
" لا شيء سوف يجعلها تكرهني "
غادرت أنا كذلك المكان بعد أن تركنا كأسي الشراب خلفنا و النار لا تزال تتراقص تحرق الخشب كما تحترق أرواحنا
قررت أن آخذ حماما علني أرتاح و أتخلص من تفكيري الزائد ، كان الحمام منفصلا عن الغرفة التي وضعنا بها أغراضنا و لأنها أخذت حمامها قبلي كنت أدري أنه جاهز
دخلت و تخلصت من ثيابي بعد أن ملأت حوضه الكبير بالمياه الفاترة ، كانت هناك شموع في أطراف الحمام
جلست وسط الحوض و وضعت ذراعيّ على حافته بينما أحدق نحو البحر المتلاطمة أمواجه المظلمة من مكاني هذا
يجب أن آخذ البطاقة و أغادر قريبا ، كل ما مرّ علينا وقت أطول أشعر أنني أعلق بين حبال قلبها
تنهدت و أسندت رأسي على الحوض مغمضا عينيّ حينها سمعت صوت الباب يفتح
و هل يمكنني السيطرة على دقاتي ، أو حتى على ارادتي عندما تكون هي قريبة ؟
سوف أكون كاذب إن قلت نعم
أسندت ركبتيها على الأرض الخشبية خلفي و شعرت بذرعيها يضمان رقبتي
فتحت عينيّ فشعرت بشفتها على كتفي و همست قريبا من أذني ليقشعر كل بدني جراء همساتها القريبة
" لا تهمني سوبين .... و بالمقابل لا يمكنني التحكم بمشاعري و لا حتى غيرتي "
فأجبتها مدعيا القوة و الثبات
" الغيرة هو آخر شعور عليكِ الشعور به تجاهي "
سحبت ذراعيها و استقامت لألتفت لها ثم ابتعدت عن ذلك الطرف نحو الطرف المقابل محدقا بها و هي رمقني بنظراتها الجريئة الغاضبة
" و لو لليلة أريد أن أعيش مشاعري معك كأن وضعنا طبيعي "
قالتها و بكل جرأة هي تركت رداء ثوبها يقع على الأرض ثم رفعت كفها و أبعدت حمالته الرقيقة عن كتفها الأيمن و فعلت المثل مع الكتف الأيسر ليقع هو الآخر على الأرض و تقع معه كل دقاتي
بين شفتيها أنا ذاتي أقع و بين الساقين أنزل مرساتي و ترسو سفني على الصخور
على الصخور تتكسر سفني عندما تلطمها مشاعرها العالية
على الصخور أترك سفني المحطمة و مرساتي لم يعد لها وجود
*
سوف يأتي يوما و ندرك أننا مهما حاولنا الركض خلف السعادة هي لن تكون لنا
شئنا أو حتى أبينا
قبلنا بهذا الحزن أو ما قبلنا به هو دق أبوابنا و دخل
مهما حاولنا هجره إلا أنه حبيب وفي
فتحت باب المنزل الفارغ ، المنزل المظلم الذي عودني الشعور بالبرد فما عاد الشتاء باردا
من خلال نوافذه ما كان الربيع مزهرا
من تحت سقفه المهترئ كثيرا ما كانت شمس الصيف محرقة
بداخله كان قلبي مجرد خريف
تقدمت بتعب و تركت الباب يقفل خلفي و رفعت كفي أضيء النور و تقدمت أكثر
جلست على الأريكة بتعب ثم وضعت كفي على وجهي و وجدتني أجهش بالبكاء المرير
الاحتمالات و الشكوك ما هي سوى تأكيد للقادم
و القادم سوف يسلب الروح مني ، القادم سوف يعاقبني بشدة و قوة مع أنني تلقيت عقابي كل هذه السنوات الطوال
أبعدت كفيّ و حدقت حولي ، هو أبدا لن يكون موجودا في لحظات التعاسة
تعودت منه ذلك لكن الأمر الآن متعلق بداي
الأمر متعلق بمصدر قوته فما عسايا أقول له عندما يسألني
" أين ابني ؟ "
عدت أنظر أمامي بضعف حينها لمحت ورقة على الطاولة و عندما التقطتها و قرأت كلماتها شعرت بالنار تلتهمني كلي و همست بنبرة باكية
" كم تمنيت أن تتلقى عقابك على ما تفعل بي لكن أبدا لم أتمنى أن يكون ابني هو العصى التي تضرب قلبك "
استقمت و تركت الورقة تقع على الأرض ثم سرت نحو غرفة داي حتى أجهز له ثيابه ، مكوثه في المستشفى لن يكون قصيرا و أنا لا أريد أمالا كاذبة
*
مررت كفي على خصلاتها التي باتت قصيرة
مررتها كذلك على ذراعها بخفة هي من سرقها النوم عندما جافاني لأن شيطاني وقف ندا لي بهذه الليلة و أخبرني أنه علي الانتهاء هاهنا
دنوت و رغما عني وجدتني أقبل كتفها بهدوء و ابتعدت كلي
ارتديت ثيابي و وضعت ما جلبت معي مرة أخرى بحقيبتي ، حملت سترتي و ارتديتها ثم حملت الحقيبة و سرت نحو الباب ، فتحته بهدوء و قبل أن أخرج أو حتى أبعد كفي عن مقبضه التفت ناحيتها
حدقت بها مطولا ثم دستني و دستها و طردتني بعيدا عنها
خرجت و أقفلت الباب بهدوء ثم نزلت الدرج و اقتربت من الخزانة و عندما فتحتها كان أمامي ذلك الصندوق
" إنك تحمل ازدهاري و خرابي .... لكنني تعودت على الخراب حتى تحول في عيون الجميع إلى ازدهار "
تركت حقيبتي بجانبي ثم حملته أخرجه ، فتحته و هاهي تلك البطاقة تعتلي جميع أوراقها المهمة
قربت كفي المرتجفة و حملتها لأرفعها أمامي و عليها قرأت اسمها الياباني هاناكو فوجو و تحته بخط صغير كتب اسمها الكوري
وضعتها في جيبي و أقفلت الصندوق بسرعة فما يهمني أخذته ، حملت حقيبتي و غادرت ذلك المنزل
استقليت سيارتي و عندما أقفلت الباب و أسندت كفيّ على المقود رفعت نظراتي نحو المنزل
كان منزلا أعدته حتى تهرب من ماضيها البائس لكن اتضح أنها أعدت قصرا يحتضن كسراتها ، قصرا تعيش داخله تعاستها و خيبتها مني أنا الذي أحببتها شئت أو رفضت
نهاية الفصل السادس عشر من
" المعارض - ارتواء "
أتمنى أنه أعجبكم و استمتعتم به و الآن سوف نبدأ مرحلة العقاب على كل ما مرّ فشدوا الأحزمة و تجهزوا لما هو قادم
توقاعتكم اذا كانت لديكم
كونوا بخير إلى أن نلتقي و اذا أرتم الفصل التالي بسرعوا كثفوا تصويتكم كما تعودنا في الفصول الحاسمة
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro