الفصل الرابع و العشرون
مساء الخير على أعزائي
استمتعوا
*
كل شيء كان مهما لي ما عاد كذلك
تعودت أن آخذ بدون أن أمنح
فاتضح أن العطاء أجمل بكثير من الأخذ
أنا كان لي داي هو الذي سدّ ذلك النقص و الشرخ الموجود بقلبي
بعد أن فقدت داي و من قبله جنين سرعان ما رفض الحياة قررت و لن يثنيني عن قراري أي شيء
حتى الظروف السيئة التي تحيطنا سوف أتحداها
علي أن أصحح مسار علاقتي بميوك و لو رفضنا العالم
حدقت بالضوء المتسلل عبر النافذة بينما أشعر أن ميوك تأخرت ، ربما فقط اشتياقي لها هو من يدفعني لشعوري ذاك
في الفترة الماضية و أنا بقربها بدأت جروحي تشفى و حتى عاداتي تتغير
ما عدت مهتما بكل ما كنت أركض خلفه بلهاث في الماضي
اكتشفت أن المناصب ، المال و السلطة لم تفعل بحياتي سوى أنها دمرتها و أعمتني ، اعتقدت أنني أستغل الجميع فاتضح أنني كنت مُستغلا من طرف الجميع
و هذا ما دفعني أن أقدم استقالتي من منصبي في جريدة يونهاب عندما زرتها لآخر مرة
نحن عندما نحاول تصحيح مسارات حياتنا علينا التخلي عن كل ما أوهمنا أنفسنا أننا حققناه
و ما حققته كان وهما ، ليس سوى سرابا تمسكت به طويلا و أنا أسير في ركب القطيع
نحن نعتقد أننا اذا تبعنا طريقا يسير فيها الجميع فنحن على صواب
ذلك الخطأ بعينه ، نحن عندما نسير في طريق فارغ سيكون هو أصوب ما نفعل ، لن نتخلى على أنفسنا حينها أبدا
و هكذا أنا كلما وجدتني لوحدي إلا و شرد تفكيري بعيدا ، أريد مستقبلا نقيا ، أريد أن أعود لكوني أنا الذي دفنته طويلا
و بينما أنا على حالي طرق الباب بهدوء ثم فتح لتطل من خلفه ميوك
" هل أنت مستيقظ ؟ "
تساءلت فالتفت ناحيتها بسرعة و أجبتها
" لقد تأخرتِ "
تقدمت تدخل و رغم البسمة التي ترسمها إلا أنني لمحت بعمق عينيها حزن و انزعاج ، تقدمت حتى وقفت بجانبي و أمسكت بكفي
" أخبرني الطبيب أنك تستطيع مغادرة المستشفى "
شددت على كفها و تجاهلت ما قالت
" ميوك هل أنت منزعجة من شيء ؟ "
فنفت تبتسم
" لا شيء ... فقط ما نمر به "
" ميوك لا يمكنك أن تخدعيني ... ما الذي حدث أخبريني ؟ "
حينها سحبت من حقيبتها التي تحملها الجريدة لتناولني اياها ، أخذتها عنها و عندما رأيت ما يوجد بها شعرت بالغضب ينتابني و مباشرة عينيّ وقعت على اسم كاتب المقال و همست
" تبا لك جين هو "
رفعت نظراتي لها و رأيت كم هي تشعر بالأسى ، للمرة الثانية يستخدم اسمها لتصفية الحسابات العالقة ، في البداية كنت أنا و أنا نادم للغاية و الآن جين هو ، أدري أنه يستغل الفرصة التي قدمت له ... كما فعلت أنا منذ وقت طويل
" لا نريد أن نلوم أحدا ... لنغادر هذا المكان فهو لا يناسبنا "
قالتها و أنا أومأت موافقا
" هذا الوطن ما عاد يحملنا نحن و أعداءنا ، إما نحن أو هم و الغلبة الآن لهم "
تنهدت ترسم من جديد ابتسامة كانت بائسة و اقتربت أكثر و أنا نبست
" ساعديني في الاعتدال في مكاني "
" حسنا "
اعتدلت في مكاني و هي كانت بجانبي و بقربي فلم أبعد نظراتي عن نظراتها التي بدت حزينة تعيسة فعاودت امساك كفها
" لا تحزني فدنيا جديدة تنتظرنا حتى نعيشها "
ناوبت نظراتها على نظراتي لتجيب
" هذا الوطن أخذ مني أكثر مما منحني ... البقاء هنا لن يختلف عن الموت "
و لم أكد أجيبها حتى طرق الباب و دخل عبره كيونغ ، صديقي الذي بت أراه حتى أكثر من حبيبتي في اليومين الأخيرين ، ابتسم و تقدم ملقيا التحية
" مرحبا ... كيف حلكما اليوم ؟ "
فردت ميوك
" بخير "
و أنا نظرت إلى كفه التي تحمل ظرفا أبيضا
" ما هذا الذي تحمله ؟ "
فتقدم أكثر و وضعه بكفي مجيبا
" مررت على منزلك أتفقد بريدك فكان هذا الاستدعاء قد وصلك "
رسمت بسمة على شفتيّ و فتحته و عندما رفعت الورق أمام عينيّ نظرا للداعم الذي يعيق حركتي ، عندما قرأت ما يوجد به شعرت أنني بدأت أتحرر فعليا
" غدا سوف أحصل على حريتي "
قلتها محدقا بميوك و هي أومأت بدون حتى أن تبتسم ، ليس لأنها لا تريدني بل لازال في اعتقادها أنها تبني سعادتها على تعاسة غيرها ، دانبي كانت هي المبادرة بهذا الانفصال بعد موت داي ، لم أكن لأستمر معها بعد كل ما حدث على أي حال فنحن آذينا بعضنا كثيرا، و ميوك ليس لها علاقة فنحن الاثنين ما كانت هناك أي بوادر تنذر أننا سوف نجتمع من جديد
*
الفراق صعب للغاية
إنه حضن مظلم ، بارد و يحرق بشدة
الشجرة الصغيرة التي كنت أسقيها كل يوم ماتت فجأة و أقتلعت من جذورها فذبلت زهوري و أيامي
ما عاد شيء مهم ولا حتى الحياة باتت مغرية
بالنظر لحياتي فهي كانت سعيدة عندما لم أكن أعرفه ، أما التعاسة فقد دقت أبوابي عندما رأيته و هو أبدا لم يراني
جلست بتعب على مقعد الانتظار بينما أتمسك بحقيبتي السوداء كحال معطفي و ثوبي
داي ضاع و سرق مني و معه سرقت جميع الألوان من حياتي
حدقت أمامي بشرود و محاميّ كان يقف بعيدا قليلا لكن ذلك لم يدم طويلا عندما سمعت صوت خطوات ، صوت كعب يطرق الأرض و عندما التفت رأيته يدخل و تلك المرأة تمسك بذراعه
لم أستغرب وجودهما معا و لكن قلبي عنفني بشدة عندما رأيته يسير بثقل و رقبته يضمها داعم ، إنه يقطف نتائج أفعاله هو الآخر ، أدري أن موت داي كان هو الأصعب لكن هو من صنع لنفسه الكثير من الأعداء
أشحت بسرعة عنهما و عينيّ امتلأت دموعا ، شددت بكفيّ على حقيبتي حينها سمعت صوت الخطوات يقترب أكثر مني حتى شعرت بشخص يقف أمامي و عندما رفعت رأسي لم تكن سوى تلك المرأة ، الوحيدة التي منحها الحب الذي تمنيتُه ، هي وحدها من تمكنت من تقاسم قلبه مع داي
تنهدت و جلست بجانبي بعد أن جلس هو على مقعد بعيد قليلا و صديقه كيونغ بجانبه ، رفعت كفها و ربتت على كفي لتنبس بهدوء
" لم يتسنى لي تقديم التعازي لكِ "
رمقتها بنظرات باردة حزينة و عادت نظراتي تتعلق بمن أستعد لتوديعه
" آخر شخص انتظرت أن يحزن لحزني هو أنتِ "
قلتها وهذه المرة نظراتي وقعت على نظراتها لكنها لم تهاجمني ، بل ابتسمت و رغم كرهي لما سأقوله و لكن بدت تعيسة و بائسة
" أدري أنك لا زلتِ ترينني امراة سيئة و أنا لا ألومك كما لا أنكر هذه الصفة عني ، أنا امراة سيئة و أنانية للغاية "
" جيد أنك تعلمين "
" أجل أعلم ... آسفة على كل ما حدث ، لم أقصد سرقة حياتك منكِ "
" لا فائدة من الأسف فكل شيء انتهى و الرجل الذي تقاتلت عليه كثير من النساء انتهى مصيره في حضنك أنتِ ... هنيئا لكِ "
قلتها و استقمت لكنها نبست خلفي
" مهما حاولت الشعور بالسعادة لا يمكنني الشعور بها "
توقفت لبرهة لكنني واصلت طريقي نحو القاعة ، دخلت ليدخل هو و تم الأمر بسرعة ، كنت أريده أن ينتهي ، الألم أخذ من حياتي الكثير و كلما رأيته أو شعرت أنه لا زال مرتبط بي يفتك ذلك الألم بي
غادرنا القاعة أين كانت تلك المرأة لا تزال جالسة تنتظره ، اقترب منها بسرعة يضمها و هي فقط حدقت بي و امتلأت عينيها دموعا عندما ضلت ذراعيها على جانبيها ، رسمت بسمة محاولة التحكم بدموعي و همست لنفسي
" لقد كتبت التعاسة على قلب كل امرأة ارتبطت بهِ "
التفت مغادرة فقد نذرت حياتي و ما تبقى منها للعناية بأبي العاجز ، أبي الذي زال يبكي كلما حمل صورة داي
أكثر ما أندم عليه أنني وقفت بعيدا و شاهدته يتملكُ ابني
*
نحن البشر مكمن الشر
لا يمكننا أن ننكر ذلك مهما تنكرنا لما نحن عليه
كل العلاقات بحياتي كانت علاقات مصلحة و استغلال إلا الصداقة
صداقتي مع ميوك كانت علاقة صادقة و حقيقية
نحن عندما وجدنا نفسينا وحيدتين اتخذنا من بعضنا عائلة
هي عائلتي و أنا عائلتها و لأنني كنت الأكبر و الأكثر قسوة و قذارة قررت حمايتها
فشلت كثيرا في فعل ذلك
للأسف اختياراتها هي ما جلبت لها الألم و لكن اليوم و بعد أن كنت شاهدة على زواجها الثاني غيرت نظرتي
هذا الرجل و رغم فارق السن بينهما إلا أنه لا يهتم به ، كثيرا ما أشعر أن ميوك هي الأصغر و ليس العكس ، بات يتفانى في حمايتها ، يسخر كله لها و يصرّ كذلك على تحقيق أحلامها و لو كانت صعبة فهو قال لا مستحيل بالنسبة لهما
تشانيول نقل كل حياته إلى خارج البلاد ، قرر الرحيل إلى أمريكا و قال أنهما سيستقران هناك
يعتقد أنه بابتعاده هناك كانغ و تشو لن يستطيعا الوصول إليه ، مهما كان سيئا في الماضي و مهما كان له علاقات خاصة و كبيرة بشخصيات نافذة خارج البلاد لكن هما كأخطبوطين ، ذراعيهما يمتدان في كل مكان خاصة لو اتحدا ، و هما اتحدا بالفعل
وقفت مع الدكتور دو في المطار محدقة بميوك ، كانت ممسكة بكف تشانيول بينما تلوّح لنا بكفها الثانية و في عينيها الكثير من الدموع ، رفعت كفي أنا الأخرى و لوحت لها ، ربما لن أراها مرة أخرى و لكن ذلك سيكون محتملا عندما تكون سعيدة ، عندما تحقق كل ما حرمت منه و لم يسعها فعل ذلك
سمعنا آخر نداء لطائرتهما فالتفتت و واصلا سيرهما حتى اختفيا فكان الفراق
تنهدت بأسف و أسى
" هيا سيدة سونا سوف أقلكِ "
التفت له و رسمت بسمة المجاملة له نافية
" سيارة الأجرى لا تزال بانتظاري لذا يمكنك المغادرة "
" حسنا ... إلى اللقاء "
قالها و التفت مغادرا حينها هتفت بسرعة
" دكتور دو "
فتوقف و التفت لي
" عندما يتصل بك تشانيول لا تنسى أن تبلغني "
" لا أعتقد أن ميوك سوف تتجاهل الاتصال بكِ "
" رجاء افعل "
و باستغراب أومأ
" حسنا ... إلى اللقاء "
قالها مغادرا و أنا وجدتني وحيدة ، دائما ما كنت كذلك ، الوحدة و القسوة أكلتا الكثير من قلبي ، صحيح أن ميوك ابتعدت عني لكنها لأول مرة سوف تنقطع عني ، كانت تزورني و تتصل بي عندما كانت هنا لو كان ذلك سرّا
تنهدت محدقة حولي ثم سحبت خطواتي و غادرت المطار و عند البوابة الرئيسية عندما وقفت رأيت سيارة من طراز مرسيديس سوداء تقترب لتتوقف بقربي ، نزل السائق و ركض ليفتح لي الباب الخلفي و أنا صعدت ليقفل من جديد
جلست فتحدث سونغ هون
" لقد تركتهما يغادران و الآن قدمي الملف الذي تحتفظين به "
التفت له و رسمت بسمة على شفتيّ مجيبة
" بفعلي هذا أنا أخون صديقتي و وطني "
ضحك ملأ فاهه ليرد بعد أن تجهمت ملامحه و شد على كلماته
" كأن صديقتك ليست خائنة ... سلميه و إلا قتلتك في مكانك هذا "
قالها و اقترب يرمقني بنظراته القاسية حينها أجبته بدون أن أبدي الخوف على ملامحي ، أنا لا أخاف منهم
كنت أنا من ذهب و عرض عليه المساعدة فهو تحالف مع كانغ و بالتأكيد كانا سوف يؤذيانهما حتى و هما يعتقدان أنهما يملكان وسيلة الضغط
ميوك و تشانيول مهما حاولا أن يكونا سيئان فهما لن يضاهيا سونغ هون أو كانغ و وحدي من تمكنت من ملاعبتهما فأنا الأخرى لست بريئة ، أنا كنت شيطانة تلاعبت بمصير كثير من الفتيات البريئات
" أخبر سائقك أن ينطلق و يقود نحو البلدة الواقعة بجانب الشاطئ الشرقي "
حدق في عينيّ بشك ثم التفت يخبر سائقه و انطلقت الرحلة ، أدري أن ميوك بعد فعلتي هذه سوف تغضب مني ، ربما سوف تقاطعني فقد قالت أنها سوف تفضحهما ما إن تسنح لها الفرصة ، قالت أنها تريد انقاذ هذه الأمة من الغفلة التي يعيشون بها ، بالرغم من أن هذه الأمة الآن لا يرونها سوى امرأة سيئة وجب أن تموت
انطلقت الرحلة و بعد مرور وقت ليس بالقليل توقفنا على مداخل البلدة
" و الآن سونا أين هو الملف ؟ "
التفت له و نبست أجيبه
" انتظرني هنا سوف أجلبه و أعود "
" أنظري إليّ ... خمس دقائق سوف أمنحها لك لا غير "
أومأت بصمت لأنزل و اتجهت مباشرة نحو متجر تلك المرأة التي كانت تتعامل معها ميوك عندما كانت هنا ، في اليوم الذي ذهبت برفقتها هي وضعت الملف تخبئه عند هذه المرأة ، كانت تدري أنني أول شخص سوف يحاولون استرداده عبره و هي لم تكن مخطئة ، أنا الآن لست أخونها و لست أخون الأمة
فقط أحاول حمايتها و لو كان ذلك يعني أن يبقى الجميع مخدوعين برجال يمثلون البكاء عليهم بينما يتصارعون على النفوذ و السلطة
وصلت لمتجر تلك المرأة فدفعت الباب أدخل و هي رفعت رأسها لتستقبلني ببسمة
" مرحبا بك في متجرنا سيدتي "
قالتها بود فاقتربت منها و تحدثت مباشرة
" أنا هنا من طرف ميوك "
اختلفت النظرة بعينيها و نبست بخفوت
" ميوك ؟ "
" أرسلتني حتى آخذ الأمانة التي وضعتها لديكِ "
فعكرت حاجبيها و تساءلت
" و ما نوع هذه الامانة ؟ "
شعرت أنها تحاول اختباري فرسمت بسمة مطمئنة رغم توتري مجيبة
" ملف بغلاف أسود "
حدقت بدون أن تقول شيئا بعينيّ و أنا حاولت التماسك أمامها ، هيا سمليه لي و لننهي هذا الكابوس عند هذا الحد
" حسنا "
قالتها أخيرا و أنا حاولت المحافظة على رباطة جأشي ، غادرت فتنهدت براحة و ماهي سوى دقائق قصيرة حتى عادت و هي تحمله ، سلمته لي و قالت بود
" لقد قالت ميوك أنها ربما لن تستطيع أخذه بنفسها و أن صديقتها سوف تأتي "
ابتسمت لها بينما أشعر بالذنب لأجيبها
" أنا صديقتها بالفعل ... إنها بحاجته لكنها غاير قادرة على القدوم و أخذه بنفسها "
شددت عليه بكفي ثم ودعتها بود و غادرت ، سرت بسرعة حتى وصلت للسيارة ففتحت الباب و صعدت و سونغ هون مباشرة وقعت نظراته عليه فحاول أخذه لكنني بسرعة أبعدته
" لقد وعدتني سونغ هون ... أنت لن تتعرض لهما و تنسى أمرهما "
لكنه أخذه مني بالقوة و فتحه لتتسع ابتسامته ثم نبس
" سوف نعود الآن و نقِل السيدة سونا أولا "
قالها ليرفع نظراته ناحيتي من جديد ، هذه المرة لم أرتح فعلا لنظراته و شعرت بالندم ، ربما ما كان علي التصرف بدون علمهما
انطلقت رحلتنا للعودة و عندما وصلنا بقرب منزلي أشار لي سونغ هون أن أنزل ففتحت الباب و ما إن هممت بالنزول حتى نبس
" وداعا سونا "
التفت له و حدقت نحوه باستغراب لكنني سرعان ما فهمت ما ينوي فعله ، لست نادمة على حماية ميوك
لم أجبه لأنزل و أقفلت الباب ثم سرت أقطع الطريق لكن حينها لا أدري كيف حدث و ارتفع جسدي بعد صدمة قوية و لم أشعر إلا بألم كبير عندما ارتطم جسدي بالأرض ثم بالدماء تندفع من ثغري حينها علمت أنهما لن يتركاهما و شأنهما ، سونغ هون لابد أن يحصل على انتقامه
*
من قبل قلت أن الدنيا غابة مزينة
لم أغير رأيي فهي لا تزال كذلك
و لكن ما تغير هو قناعتي فيما يجب علي أن أكونه
أن نسير مع القطيع ذلك لن يجعل منا أشخاص مميزين
سوف نتوهم أننا كذلك
كل تلك الثروة التي حققتها باتت غير مغرية
كل شيء حولي بات باردا بدون طعم ، رحيل داي أخذ مني الكثير، أعترف أنني لا زلت أعيش و أبتسم من أجل ميوك و حلم الأمومة فقط
فقط لو يتحقق سوف ندفن الأحزان
هروبي من كوريا لم يكن مجرد قرار عندما قالت ميوك لنغادر اتخذته و قلت لها حسنا لنرحل
أبدا هو لم يكن كذلك ، أنا هربت محاولا حمايتها ، سونغ هون لن يكف عن المحاولة حتى يتمكن من قتلنا أو قتلها حتى يحرق قلبي أكثر و ينتقم لكرامته
بعد أن كنت ندا له و تمكنت من ايقاعه فجأة هو تلقى الدعم من كانغ عندما عاد الماضي ليجمعهما ، عندما يجتمع أقذر الكبار و يظهروا التحالف اعلم أن الكثيرين حياتهم على المحك
كيونغ تواصل مع طبيب صديق له في أمريكا ، تحديدا في مستشفى بوسطن حيث كانوا يعملون على علاج جديد للعقم و ضعف الانجاب و هذا كذلك كان أحد أقوى الأسباب التي جلبتنا هنا
حصلت على وظيفة في جريدة محلية هنا ، لم يكن صيتها ذائعا ولا حتى راتبها كبيرا للغاية لكنه بالتأكيد كان أكثر من كافي لنا ، نحن لا نريد بذخا ، اكتفينا و نبحث عن السعادة و البساطة
حدقت بساعتي فكان وقت مغادرة ميوك لمدرسة اللغة الانجليزية قريبا ، لقد سجلتها في دورة هنا حتى تستطيع التكيف مع الحياة ، أن تغير من كل حياتك ، حتى أنك لن تجد مع من تتحدث لهو أمر صعب ، هي لم تكن جاهلة كليا للغلة الانجليزية لكن لم تكن تتقنها حتى تتمكن من اقامة محادثات عادية
جمعت أوراقي من على مكتبي و استقمت بينما أضعها بحقيبتي الجلدية الصغيرة و مارك الذي دفع نظارته فوق تساءل
" هل ستغادر ؟ "
ابتسمت أرفع رأسي ناحيته ، مارك صداقة جديدة كونتها عندما حصلت على الوظيفة هنا ، نحن نتنافس مع بعضنا و لكن منافستنا فيها من الود الكثير و بعيدة عن العداء
" أجل ميوك سوف تنتهي قريبا و يجب أن نمر على المستشفى "
" ماذا عن المقال ؟ "
" سوف أسلمه في وقته المحدد "
حينها ابتسم و استقام قليلا بينما يسند نفسه على ذراعيه المسنودين على مكتبه ، قرب رأسه و أسند فكه على الفاصل الصغير بين مكتبينا و همس
" هل يمكننا الذهاب لمكان ما الليلة ؟ "
حينها قلبت عينيّ بملل
" مارك انسى ما حدث الأسبوع الماضي ... "
" يا رجل لقد فعلتها بكل سهولة ... أنت زير نساء و يمكنك أن تحصل لنا على أجمل الفتيات بغمزة منك و صفعة على "
قلها ليضرب مؤخرته فحدقت فيه ليندا زميلتنا ذات النظارات السميكة ، عكرت حاجبيها و هو عبس بوجهها بعد ما التفت لها
" فيما تحدقين ؟ "
" تافه "
همست هي الأخرى تشتمه فأعاد نظراته ناحيتي أنا من ارتديت معطفي
" اسمع مارك ... ذلك كان من أجل العمل و الحصول على المعلومات التي كشفت لنا المتاجر بالفتيات القصّر ، ثم لا تتحدث هكذا ، أنا توقفت عند حد معين فلا تنسى أنني متزوج "
حينها ابتسم بلؤم
" ترى ما الذي ستفعله بك ميوك لو علمت أنك غازلت بعض الفتيات و... "
حينها أمسكت بمقدمة ثيابه أسحبه ناحيتي
" اسمع مارك اذا أتيت لمنزلي مرة أخرى سوف أركل مؤخرتك و أمام ميوك "
" هل تخاف منها ؟ "
" أنا أخاف عليها ... لا أريد جرحها فهي عانت بما فيه الكفاية "
فجأة تأججت مشاعري و شعرت بالغضب ، صحيح أن مارك كان يمزح معي ، كذلك عندما خرجنا في المهمة الأسبوع الماضي استخدمت بعضا من مهاراتي كما سماها مارك لكن تحكمت بنفسي و كنت حريصا للغاية ، أنا أسعى لحياة مختلفة عما كنت أعيشه و إلا ما كنت تركت كل شيء و هربت إلى هنا
دفعته أتركه بينما أرمقه بغضب فابتسم ليرفع كفيه و رتب ثيابه و عاد يجلس بينما يهمس
" كنت أمزح معك "
حملت يد الحقيبة بكفي و سرت نحو الباب لكنني توقفت و التفت نحو ليندا فارتسمت على ملامحي ابتسامة لئيمة
" ليندا "
ناديت اسمها فرفعت رأسها عن الآلة الكاتبة و ابتسمت لي فرفعت كفي أشير لمارك
" مارك كان يريد دعوتك على العشاء لكنه شعر بالخجل لطلب ذلك منكِ "
التفت بمقعده متوسعة عينيه و أنا حركت شفتي بـ " كنت أمزح معك فقط " ، أما ليندا ابتسمت حتى ظهرت أسنانها و هي الأخرى دفعت نظراتها فوق لترد
" لنذهب للعشاء مارك ... "
فردّ محاولا التهرب
" لم أستلم راتبي بعد "
" أنا سوف أدفع "
قهقهت بمتعة لأغادر و أقفل الباب خلفي ، بت لا أسعى لإيذاء أي أحد أو حتى محاولة العبث بحياته لكن ما إن يقترب أحد مني محاولا فعل ذلك حتى أكشر عن أنيابي
مرت أكثر من ستة أشهر منذ استقرينا هنا ، حياتنا باتت أكثر هدوء و لكن بعيني ميوك دائما ما ألمح ذلك الحزن الدفين ، أشعر بالأسى عليها و أخاف كثيرا من اخفاقنا بما نقوم به ، و كلما زرنا المستشفى من أجل تلقي العلاج هي تمسك كفي بدون أن تفلتها بل هي تشد عليها
بعد السير لأكثر من خمس دقائق وصلت أمام مدرسة اللغة حينها وقفت و أسندتني على الجدار منتظرا مغادرتها ، كنت بين الفينة و الثانية أحدق بساعتي حتى فتح الباب و خرج منه بعض الطلاب الذين تعودت رؤيتهم يغادرون كلما انتظرتها
قليل من الوقت بعد و خرجت بينما تحمل حقيبتها ، ترتدي تنورة و كنزة صوفية ، تحمل حقيبتها و شعرها حر و ملامحها كما أحبها
ابتسمت عندما رأتيني و اقتربت لأعتدل أنا فقربت كفها مني لأمسك بكفها و قربتها مني أقبل وجنتها
" اشتقت لكِ حبيبتي "
اتسعت ابتسامتها أكثر و التفتت تلوح لزميلة لها ، كانت ألمانية بقامة طويلة و نحيلة شقراء بعيون زرقاء و كلما أتيت رأيتها تنظر لي نظرات معجبة و قالت ميوك أنها باتت تتقرب منها
" بالمناسبة ... لا تأتي مرة أخرى لاصطحابي "
فهمت تماما ما يحدث داخل صدرها و هذا دفعني لأرسم ابتسامة فخر على شفتيّ
" لماذا هل تشعرين بالغيرة ؟ "
" يبدو أن الأمر يعجبك ... تلك الألمانية تكاد لا تحدثني و لكن كلما سمعت أنك سوف تصحبني تلتصق بي كالغراء "
حينها توقفت فجأة عن السير لأتوقف أنا الآخر و رفعت نظراتها ناحيتي
" هل يمكن أن تعجب بها ؟ "
" هل أنت حمقاء ؟ "
قلتها بينما أعكر حاجبي ، تركت كفها و ضممت كتفها لي و عدنا نسير مجيبا
" أنا الآن أحارب العالم من أجلكِ ميوك ... ثم لا تعجبني الطويلات ولا حتى الشقراوات "
قلتها و قبلت رأسها فوضعت كفها على صدري و واصلنا سيرنا بينما ترسم بسمتها العذبة على شفتيها ، إنها شفائي مما كنت فيه ، نحن عندما وجدنا بعضنا وجدنا ما ضاع منا منذ زمن ، و لو أن ما كان بيننا كان يسمى خيانة و علاقة غير مشروعة آذينا بها من حولنا و تأذينا نحن أكثر من الجميع
استقلينا سيارة أجرى و توجهنا نحو المستشفى ، وصلنا في موعدنا المحدد ثم اتجهنا نحو مكتب الدكتور بول ، انتظرنا قليلا حتى رأيناه قادما ، كان يتحدث مع الممرضة برفقته و عندما رآنا ابتسم
استقمنا نحن كذلك و ما إن وقف أمامنا ألقى التحية
" مرحبا سيد و سيدة بارك "
" أهلا دكتور بول "
ابتسمت ميوك هي الأخرى ثم دخلنا لمكتبه و ميوك رافقت الممرضة التي ساعدتها في تغيير ثيابها و التجهز للعلاج أما أنا فقد كنت أجلس على المقعد المقابل لمكتبه و وقتها استغليت غياب ميوك و سألته
" دكتور بول لما لم تحمل ميوك حتى الآن ؟ "
فابتسم لي و اومأ
" سيد بارك لا تكن عجولا ... نحن لا نزال بمرحلة علاج الرحم ، هي لم تكن مهيأة للحمل بعد خصوصا بعد الاجهاض الأخير "
" و لكن ميوك سوف تبلغ الواحدة و الأربعين قريبا ... أعني "
لكنه قاطعني من جديد
" أفهمك ... لكن سن اليأس يختلف من امراة إلى أخرى و السيدة بارك أعطت مؤشرات جيدة لذا فقط قليلا من الصبر ، نحن بعد أيام سوف نباشر العلاج المساعد على الحمل و حينها عليكما أن تتقيدا بمجموعة من التعليمات "
" حسنا مزيدا من الصبر لن يضر بنا "
قلتها باستسلام و بعد وقت تقدمت الممرضة
" المريضة جاهزة "
قالتها فاستقام هو بينما يرتدي قفازاته الطبية و أنا فقط جلست هناك أنتظر ، كيونغ كان محقا عندما قال أن حالتها كانت صعبة للغاية و ربما لو كنا بقينا في كوريا لم تكن لتحصل على فرصة العلاج الحديث ، العلاج الذي يكلف الكثير من المال ، نحن نعتمد على دخلي في تكاليف المعيشة و لكن العلاج ، أنا أستخدم المال الذي كنت أهربه هنا من قبل
يمكنني من خلاله أن أعيش بترف لكن كما قلت نحن هنا من أجل مسح الماضي و البدأ من جديد
بعد وقت غيرت ميوك ثيابها و تلقينا مجموعة من التعليمات من الدكتور بول ، ميوك لم تفهم كل شيء و لكن ما إن خرجنا حتى استفتسرت و أنا بدأت بشرح الأمر لها فكانت تتوقف و ترمقني بنظرات غريبة و تساءلت
" هل أنت متأكد أن الطبيب قال هذا ؟ "
" ماذا ، ألا تصدقينني ؟ "
" يبدو الأمر غريبا ... هل يمكن لطبيب أن يتحدث عن تفاصيل العلاقة بيننا لهذه الدرجة ؟ "
" ألا نريد الانجاب ؟ "
" بلا "
" هو فقط يدلنا على الطريقة الصحيحة "
تنهدت ثم عندنا لنسير و هي تساءلت
" بالمناسبة ألم تقل أنك تريد دعوة زميلك مارك على العشاء في بيتنا ؟ "
أوقفت سيارة أجرى ثم فتحت الباب لتصعد هي و أنا من بعدها و عندما أقفلت الباب أجبتها
" أجل ... قال أنه يريد تذوق الطعام الكوري "
" اتصل و أدعوه اليوم سوف أجهز عشاء لذيذا "
حينها ابتسمت و التفت لها
" إنه مدعو لمكان آخر "
" لما تبتسم هكذا ؟ "
قالتها بشك و أنا قهقهت
" حاول العبث معي فأخبرت ليندا أنه يريد دعوتها لكنه خجول "
توسعت عينيها و نبست متسائلة
" زميلتكم التي قلت أنها معجبة به ؟ "
" أجل "
" يالك من رجل ... المسكينة ستعتقد أنه معجب بها حقا "
" ليست سيئة بالمناسبة فكلاهما يرتديان نظارات "
" و إن يكن مشاعر المرأ ليست بالمظهر أبدا ... "
" لا تكوني حساسة ميوك ... لنستغل أوقاتنا معا و نحاول التقيد بنصائح الدكتور بول ، ما رأيك أن نبدأ تنفيذها الليلة ؟ "
قلتها لأغمز لها و هي ابتسمت لتشيح عني بنظراتها مجيبة
" لا تكاد تفوت فرصة "
اقتربت أضم كتفها و سائق السيارة حدق بنا من خلال المرآة و ابتسم مع أنه لم يفهم ما كنا نقوله لكن هي فجأة التفتت لي و تساءلت بجدية
" بالمناسبة هل تواصلت مع الدكتور دو ؟ "
حينها خفتت ابتسامتي و أجبتها
" لم يكن بمكتبه فتركت له رسالة مع مساعدته "
" غريب ... سونا هي الأخرى لا تجيب على الهاتف و حتى الخطابات التي أرسلها لها لم أتلقى عليها أي رد بالرغم من أنني راسلتها أكثر من مرة "
" بالتأكيد هي مشغولة أو لم تصلها الخطابات "
لم تجب و أنا حدقت في الشارع من جهتي ، سونا هي آخر شخص كانت تمتلكه ميوك في كوريا ، إنها كل عائلتها و شخص منحها الكثير فكيف عسايا أخبرها أنها قُتلت
نهاية الفصل الرابع و العشرون من
" المعارض - ارتواء "
أحداث جديدة و مختلفة تماما تقربنا من النهاية و إلى أن نلتقي مع فصل جديد كونوا بخير
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro