الفصل السادس و الثلاثون
مرحبا بقراء وسامي الغاليين
من منكم متحمس لعتاب فيريا للدون على ما فعل ؟؟
استمتعوا به اذا
*
يقول أحد الكتاب الذين تعجبني فلسفتهم في الحياة
" أريد أن تمسني الحياة من خلالكِ أنتِ "
و هكذا أنا يا فيريا
أريد أن أعيش الحياة بأن أعيشكِ
إلا أن طرقي و الحياة تقاطعتا فلا يبدو أن أمامي حل سوى أن أخلصني مني
رجل مثلي يحملك في قلبه فقط على هيئة سر
سرّ جميل جدا
رجل مثلي يخاف أن يلمسك فتصبحين سرابا
لا تغرنّك قسوتي ، قوتي التي أبدو عليها
أنا فقط تجسيد لقول آخر لذات الكاتب
" أحيانا تكون الشجاعة .... جرعة كبيرة من الخوف "
أنا و منذ مات جدي كنت فقط خائفا بينما أتظاهر بالشجاعة
كنت دائما باحثا عن الأمان و لا زلت
و مهما بحثت متأكد أنه لن يكون بحياة رجل مثلي يا فيريا
لذا عيشي ، عيشي يا حياتي من خلال موتي
الكاتب المذكورة أقواله هو " أدهم شرقاوي "
*
" لا أصدق جرأتك "
ذات الجملة قيلت مرة ثانية و لكن هذه المرة بينما يقفان لوحدهما على أحد شطآن باليرمو الكثيرة
كانت ترمقه بغضب كبير و قهر و عندما لم يجبها بينما الرياح القوية تلعب بخصلاته القصيرة صرخت بقهر منه
" لما لا تقول شيء ؟ ..... برر فعلتك أو حتى أطلب الغفران من الرب على كل الأرواح التي تزهقها "
و مع كل انفعالها هو كان على عكسها و عكسه هو في الأيام الماضية
يقف بهدوء بينما يحدق بها و بحركة شعرها الذي تطاير مع هبّات الرياح القوية
ثم نفى بينما يحرك كتفيه بقلة حيلة
" ليس لدي ما أقوله ..... و مقابل الأرواح التي أزهقها سوف يكون مصيري الجحيم و أنا لست بطامع بالجنة "
حينها أمسكت بكفها جبينها نافية بقلة حيلة
اغرورقت عينيها دموعا ثم وجدت نفسها تجلس القرفصاء أمامه
ضمت رأسها بكفيها و تحركت في مكانها لتهمس بحرقة
" ما الذي اقترفته لأقع بحب رجل ميتٍ ؟ "
حينها حدق بها و وجد نفسه يرسم ابتسامة
واحدة ساخرة ثم اقترب خطوتين و دنى يجلس القرفصاء أمامها
وضع كفيه على ذراعيها و شد عليهما
" أنظري إلى عينيّ يا فيريا "
حينها هي رفعت نظراتها المبللة دموعا و كم كانت تلك النظرة سامة
اخترقته نظرتها إلا أنه أبى أن يظهر ضعفه لها
" لا أريد أن أجرحكِ ..... لا أريدكِ أن تتأذي يا فيريا لذا ارحلي ، سوف أبحث لك عن مكان لن يمسك فيه أذى "
إلا أنها نفت لتتخلص من كفيه و استقامت لتنظر له من فوق نافية
" المكان الوحيد الذي لن يمسني فيه الأذى هو الجنة ..... و هي بعيدة كل البعد لأنكم تحولون حتى الحياة إلى جحيمٍ "
رفع نظراته لها ثم استقام ليفوقها طولا و هي تابعته بنظراتها حتى باتت ترفع رأسها لتنظر اليه
" سوف تكونين حجر عثر بطريقي ..... و أنا أركل الأحجار بعيدا عن طريقي "
حينها رسمت ابتسامة ساخرة متألمة
" و كأنك لم تركلني بعيدا سيدي الدون "
تراجعت خطوتين للخلف لتنفي و تكمل كلامها
" أرجو أن ضميرك قد أنبك و لو قليلا بينما كنت تستمع لكلمات المرأة "
لم يجبها و لكنه فقط وضع كفيه بجيوب بنطاله محدقا بها و هي التفت مغادرة
القضية هنا و في موضعه ، ليست قضية ضمير أو عدمه
الأمر و ما فيه أنه يعرف الجميع و ليس مستعدا أن يكون ذلك الانسان الجيد على حساب ما تبقى من حياته
و لو كانت أياما معدودة كما يرجو
من قبل عاش لمن حوله و نسى أن يعيش لنفسه
أما الآن فهو سوف يقترف ذات الخطأ
سوف يموت من أجل من كانوا حوله يوما
تنهد بعمق ليغمض عينيه ثم رفع رأسه نحو السماء و الهواء عاد و لاعب خصلاته حينها فيريا توقفت مكانها
شدت على كفها بقوة مقاومة همسات قلبها و لكنها تلك التي لا تستمع لأي أحد سوى قلبها فالتفتت و تمنت أن يكون خلفها و لكنه في تلك اللحظة هو أنزل رأسه و التفت كذلك مغادرا
قضمت طرف شفتها السفلى محاولة السيطرة على دموعها ثم التفتت كذلك مرة أخرى و سارت في طريقها
أجل هكذا هو الحب عندما يخلق بين عاشقين شديدي العناد
الحب ليس لحظات حلوة جميلة ، الحب و مشاعره الجياشة لا يتولدا إلا حينما يتعرض للمحن و المصاعب
إنه تماما مثل حجر الماس
لا يصقله إلا عوامل الطبيعة القاسية و إلا كان مجرد حجر مثله مثل بقية الصخور على وجه الأرض
لذا نجد الألماس حجرا غالي الثمن
و الحب شعور غالي القيمة
*
تمر الأيام مثل أمواج عابرة فتمحي ما خطته الخطوات و الأيادي على شطآن الرمال و الأيام على شطآن الحياة
و بذكر الأمواج هاهي تتلاطم على الرصيف الصخري بمسينه
يقف جامبينو هناك بينما يضع كفيه بجيوب سترته و يحاول التخفي في كنف الظلمة
ينتظر حضور الدون بروفانزانو
ليس بارادته هو ينتظره بل رغما عنه يفعل ذلك
مرّ الوقت و عندما التفت الآخر مقررا المغادرة رأى أخيرا الدون يسير نحوه بينما يضع هو الآخر كفيه بجيوب سترته فوقف مكانه حتى وصل بقربه و وقف
" لقد تأخرت كثيرا و كنت على وشك المغادرة "
عندها ابتسم الدون بسخرية و تجاوزه ليقف أمام الأمواج و تركه خلفه مجيبا اياه
" لون سترتك جميل .... من اختاره لك ؟ "
حينها شعر جامبينو ( جينوفيسي ) بالاستفزاز و تقدم ليقف بقربه ثم أمسك بذراعه و جعله يلتفت له
" لا تستفزني بروفانزانو ..... أنا لست لعبة بيدك "
أبعد كفيه عن جيوب سترته و أبعد كذلك ذراعه عن كف الآخر ليجيبه بتحدي
" أنت لست لعبة و لكنك مضطر لتقبل كل ما أمليه عليك "
" لست كذلك "
" اسمع أنا لا أحب التهديد لذا دعنا من الجدال و لنذهب للأمر الأهم ..... أمر فيه مصلحتك و مصلحتي و القضاء على فاليريو "
" هل تعلم أنك عندما تقول فقط فاليريو أنت تهددني ؟ "
" لأنك مجرد ضعيف .... تعطي قيمة كبيرة لشخص هو و الصفر متساويان "
" لا تنسى أن الصفر دائما ما يلعب بالنتائج "
" إلا هذه المرة .... فضع يدك بيدي "
قالها و هاهو يقدم كفه لجامبينو ، هذا الأخير الذي شعر بالريبة
حسب ما يعرفه عن من يقف أمامه هو لا يمكن أن ينسى الأذى
و جامبينو أو جينوفيسي كما عرف سابقا لم يأذيه فحسب
بل نسف على شعلة كانت هي أيامه فبات مجرد ضرير بدون عينين و حتى قلب و إن بات يجد بعض النبضات في لحظات التوهان
أشار له بنظراته و كفه كانت لا تزال تنتظر و الآخر فقط تنهد و وضع كفه بكف الدون ليشد عليها
" ها أنا أضع يدي بيدك بروفانزانو فأرجو أن لا تصاب عائلتي بمكروه و تبقى مجهولة بالنسبة لفاليريو "
" لن يتكرر ما حدث في قصر بروفانزانو ..... في النهاية حتى و إن كنت شيطان فلست قاتل أطفال "
أومأ جامبينو ثم سحب كفه ليعيدها لجيب سترته و تحدث
" الحكومة تريد التخلص من فاليريو لأنه يثير الكثير من المشاكل و لا يلتزم بالأوميرتا "
حينها رسم الدون بسمة و التفت من جديد إلى البحر
" أخبرته مرارا و تكرارا أن التخلي عن المبادئ سوف يقوده بسرعة للنهاية و لكنه لم يصدقني "
*
وضعت الصور التي غلفتها حتى لا تنكسر اطاراتها في الصناديق ثم وقفت لتعدَها فقد وصلها منذ عدة أيام استدعاء بسبب شكوى قدمها السيد بروفانزانو تشانيول يتهمها فيها بالتعدي على خصوصياته و لكي تسوي الأمر معه تعهدت بأن تعيد له كل الصور ...... الأصلية و النسخ
حتى أنها وقعت على تعهد آخر يلزمها بعدم الاقتراب من منزل آل بروفانزانو المهجور
أقفلت جميع الصناديق بالشريط اللاصق ثم استقامت و نادت على العامل الذي استأجرته حتى يوصلها لشقة السيد بروفانزانو
نقل العامل الصناديق إلى الشاحنة ثم استلم أجرته منها و عنوان الشقة و هي تنهدت بينما تقف و تراقب مغادرة الشاحنة
رفعت كفها التي تحمل هاتفها ثم ولجت لجهة الرسائل
" كيف حالك ؟ "
كتبتها و قبل أن تواصل الكتابة هي نفت و تراجعت عن ما كتبت بمسحه لتدون
" لقد أرسلت الصور لذا أرجو ألا تجمعنا أي صدفة بعد الآن "
شعرت بالانتصار لتبتسم و ضغطت على علامة الارسال
ثم التفتت و سارت نحو الداخل
أخذت حقيبتها و سترتها لتضعها على ذراعها و همت بالمغادرة و ما إن وصلت إلى سيارتها و بمجرد مسكها للمقبض شعرت بألم كبير في جانبها الأيمن فوضعت كفها على جانبها و همست
" ما الذي يجري لي ؟ "
إلا أنها في اللحظة التي تلت سمعت صراخا باسمها و ما إن التفتت حتى ضمها والدها بقوة و سمعت أصوات عيارات نارية متتالية حينها توسعت عينيها و همست بعدم تصديق
" أبي ..... "
اختفت السيارة التي أطلقوا منها النار و والدها ابتعد قليلا محدقا بعينيها و ما كادت تضع كفها على وجنته حتى تهاوى واقعا أمام قدميها غارقا بدمه
أنزلت نظراتها لتنفي فاجعتها التي حدثت أمام عينيها ثم وضعت كفيها على آذنها مغمضة عينيها و صرخت بقهر ، بصوت عالي بينما الناس بدؤوا بالاجتماع حولها
هكذا هي الحياة قيمتها ثانية
و هكذا تكون بداية الندم على ضمة بخلنا عليهم بها
على كلمة قلناها بدون أن نكترث لوقعها بقلوب الآخرين
هكذا نفقد و هكذا تكون فداحة الفقد
*
مستقل سيارته هو كان في الطريق الرابط بين مسينه و باليرمو عائدا عندما رن هاتفه
أخرجه و رفعه أمامه ليلقي نظرة ثم
عاد ينظر أمامه إلى الطريق
ثم رمى الهاتف على المقعد الذي بجانبه عندما كان المتصل سيلفانو
هذا الأخير الذي كان بعيدا عن الدون في الأيام التي مرت بحكم غضبه منه
تجاهل الاتصال حتى انقطع و واصل طريقه متذكرا كلمات فيريا في الرسالة فرسم ابتسامة عابثة على ملامحه
" كاذبة يا فيريا "
همس بها حينها من جديد رن الهاتف لذا التفت له ثم أخذه
سيلفانو يُلّح و هذا يبدو غير مريح خصوصا أنه عاد يتصل به قبل أن تنقضي المدة التي تعود الغضب فيها منه
فتح الاتصال و الآخر من الجهة الأخرى تحدث بسرعة
" تشانيول لقد تمت محاولة اغتيال فيريا "
حينها توقف هو فجأة ليشد على مقود السيارة مجيبا بفزع
" ما الذي تقوله ؟ "
" فيريا نجت و لكن والدها قتل ..... إنها كسيرة و بحاجتك أنت الآن "
*
" كسيرة بحاجتك أنتَ "
جملة تصف بالتفصيل حالة فيريا التي كانت تجلس القرفصاء أمام بوابة المشرحة في المستشفى
تضم كفيها معا و تحدق أمامها
عينيها شديدة الحمرة و الدموع جفت على وجنتيها
القلق يأكل قلبها و الجنون يتربص بها عندما كانت تتلو الدعاء تولى الآخر و تهمس في النهاية
" أرجوك يا الهي ساعد أبي و اجعله ينجو "
و كأنها تنتظر خروجه من غرفة العمليات
للأسف حاليا هي تنتظر بدون أمل و بدون حياة
رجال والدها كانوا يقفون قريبا منها يحرسونها أما والدتها كانت على الطريق قادمة لترى فاجعتها التي خافت منها سنوات
سيلفانو كان كذلك في المستشفى و لكن يقف بعيدا ، يحرسها من أجل صاحبه
يعلم أن كل ما قاله ليس سوى ضرب من العناد و بعد الذي حدث لا يجب أن يسمح للأذى أن يصيب فيريا
ما حدث في الماضي لا يجب أن يتكرر
و الأبرياء لا يجب أن ترتكب في حقهم جرائم شنعاء فقط لأن من يقف على رأس الهرم يريد أن يعاقب أحدهم
تحركت في مكانها بينما تضم وجهها بكفيها و همست
" هيا يا أبي ..... أنا سامحتك و لن أكون سيئة "
غائبة هي عن الواقع و المنطق في هذه اللحظة
و بذات اللحظة توقفت سيارة الدون بروفانزانو في الخارج و خرج منها بركض حينها اعترض طريقه سيلفانو فتوقف بينما الآخر يمسك ذراعيه
" أين هي ؟ "
أبعد سيلفانو كفيه عنه ثم أشار له بكفه نحو الداخل
" تنتظر على باب المشرحة "
" اللعين "
نبسها بغضب ثم تركه خلفه و ركض نحو الداخل ، أين أشار سيلفانو و لكن ما إن أبصرها تجلس بكسرة حتى وقف في طريقه اليها رجال والدها
" لن تمر من هنا "
و هو فقط نظر اليها بينما هم يمنعونه عن المرور اليها ، أعاد نظراته لهم و بغضب أمسك تلابيب أحدهم ليصرخ بوجهه
" أين كنتم عندما تعرضت للأذى أيها الحمقى ؟ "
حينها هي أبعدت كفيها عن وجهها ، حدقت أمامها و زادت الدموع بعينيها و تملكتها الرهبة
لا تريد أن تلتفت و ترى من صاحب الصوت مع أنها تعرفه أكثر من نفسها
لا تريد أن تخرج من وهمها ولا أن يضمها مواسيا اياها على ما فقدت
لا تريد أن تعترف أن ذلك حدث لعلها تجنب قلبها ندبة أخرى
إلا أن قلبها هو من دفعها للالتفات ثم استقامت مستعينة بالجدار عندما أسندت نفسها عليه بكفها
أمالت رأسها ثم تركت نفسها كلها تستند عليه و هو هدأ عندما رأى حالها و أحد رجال والدها تحدث
" إنه الدون بروفانزانو دعه يمر "
حينها ترك هو ذلك الرجل و الذي لم يكن ليصبر كثيرا قبل أن يخرج مسدسه و يضعه على رأسه
ابتعدوا عن طريقه و هو وجد نفسه عاجزا
يرى نفسه بها
يرى حاله بحالها و كسرته بكسرتها و فداحة ما خسر بما خسرت
ألم أقل لكم أن الحب محن و عواصف ؟
دفع خطواته نحوها مرغما و كلما تخلص من قيد خطوة كلما أسرع نحوها حتى وصل اليها و مباشرة سحبها الى حضنه يضمها
تمسكت بسترته و انهارت بين أحضانه أخيرا ، أغمضت عينيها و رأت صورة والدها واقع بقرب قدميها حينها انتحبت بقهر و ضعف
بكت و أطلقت العنان لألمها فخرج صوتها عاليا صارخا و هو لم يحاول منعها ، فقط ضم مؤخرة رأسها بكفه و شد على تقبيل جانب رأسها بينما النار تأكل قلبه
هي تبكي والدها و خسارتها و هو يرسم سناريو آخر برأسه بدايته بكلمة واحدة
" ماذا لو "
فماذا لو لم يكن والدها هناك و افتداها بنفسه ؟
ماذا لو كانت هي من ترقد في الداخل و خسر ذاته مرة أخرى ؟
نفى و شد أكثر على ضمه لها بحضنه بينما هي تنوح والدها
لا يريد أن يعيد أخطاء الماضي
لا يريد أن يعترف بحبه لها بعد أن تصبح للموت
" أنا .... أنا أحبكِ يا فيريا "
*
عندما نحب كثيرا نخاف المشاعر القوية
نخاف الاعتراف و نفضل الاحتفاظ بالحبيب سرا في القلب
نخاف أن نضعف بسببه
و الدون أحب فيريا بدون حتى أن يدري
ليس بالضرورة أن نقع بحب من قدم لنا كل شيء و ضم قلبنا برموش عينيه حتى لا يصيبنا مكروه
الانسان ناقص و كل شيء متعلق به ليس منطقي
الدون بروفانزانو حث نفسه كثيرا ليحب جيمه بل و أقنع نفسه مرارا و تكرارا أن عليه ذلك
هو أحبها بطريقة مختلفة عن الحب الذي نعرفه
و لكن فيريا
كان أمرها مختلفا
طردها كثيرا
عنفها و عاملها بقسوة كثيرا و لكن في كل مرة كان يطردها كان يرجو بقاءها
في كل مرة كان يقسو عليها كان يمضي ليله مرتلا الاعتذارات لقلبها
و مرة أخرى سوف أعود لفلسفة كاتبي المفضل
" الحب من النظرة الأولى مثل فقاعة الصابون ، مدهش و آخاذ ، و يعكس الكثير من الألوان .... غير أنه قد يتلاشى مع أول عارض "
لا الدون أحب فيريا من النظرة الأولى و لا هي فعلت أيضا
هي في البداية كانت مجرد مراهقة تبحث عن المشاكل و تحاول بأي طريقة اثبات وجودها و تمردها و لكن مرة بعد مرة و صدفة بعد صدفة و بآخر موقف التصق حبه بقلبها
وقف محدقا بها بينما تتمسك بغطائها و تغمض عينيها و لكن شهقة البكاء لم تغادرها
اقترب من النافذة و فتحها تاركا ستائرها تحلق مع الهواء ثم وضع كفيه بجيوب بنطاله
اعتكف في محراب الصمت كما تعود و لكن ذلك لم يطل عندما أغمض عينيه و نبس بهدوء
" لقد اعترفت لكِ يا فيريا "
فقط شدت على اغماض عينيها و تمسكت أكثر بالغطاء و هو فتح عينيه فأصعب مرحلة قد تمت و تساءل
" هل تعلمين لما اعترفت في تلك اللحظة بالذات ؟ "
إنه يسأل و يجاوب
هو لا يحكي لها بقدر ما يحكي و يشرح لنفسه
" لأنني خفت أن يتكرر الماضي بك و أخسرك مثلما خسرت الجميع ، أن يسرقك الموت مني مثلما سرق جيمه بدون أن أجعلك تسمعين اعترافي ...... الاعتراف الذي عاشت جيمه عمرها كله منتظرة اياه و لم أتمكن من قول تلك الكلمة إلا عندما ضممتها ميتة "
رسمت ابتسامة متألمة بينما لا زال ينظر أمامه و شد على كفه بجيب بنطاله
" أنا رجل سيء أليس كذلك ؟ "
التفت بجانبية و هي فتحت عينيها و نزلت دموعها على جانب وجنتها لتكون نهاية تلك الدموع بقلب وسادته
مدت كفها له و هو التفت حينها كله و سار اليها ثم جلس القرفصاء أمام السرير ليمسك بكفه كفيها معا ، شد عليهما بقوة و قربهما اليه ليقبلهما مغمضا عينيه حينها هي همست و لا تزال رنة البكاء بصوتها
" أنت أناني .... أنت لم تعش للجميع مثلما كنت تعتقد بل الجميع عاش لكَ وحدكَ "
أحيانا نعتقد أننا نقدمنا لمن حولنا
و لكن في الحقيقة نكون نستهلك أيام من حولنا
فتح عينيه لتواجهه نظراتها و صوتها الذي أخبره بالحقيقة و قبل أن يقول شيئا ردا على ما قالت هي عاودت اغماض عينيها و عاودت دمعتها السفر من مقلتيها نحو وسادته مضيفة
" و أنا أريد أن أعيش لكَ ..... لا تطردني فأنا الآن وحيدة ، كسيرة ولا أملك قلبا أسندني عليه سوى قلبك الذي فتح لي أبوابه أخيرا "
تركت احدى كفيه كفها و قربها من وجنتها ليلمسها برقة ماسحا دموعها ففتحت عينيها من جديد
" جيمه ....... "
" جيمه كانت فكنتُ أما أنتِ ........ سوف أكون لتكوني "
هناك من يقدم نفسه لنا حتى نكون و هناك من نقدمنا له حتى يكون
اعتدل مستقيما ثم دنى مقبلا رأسها و همس قريبا
" نامي الآن فيريا "
سحب كفه من كفها بهدوء ثم انسحب كله من الغرفة و بمجرد خروجه من هناك كانت والدتها تجلس على الأريكة تبكي بحرقة و عندما رأته استقامت بسرعة و هو اقترب منها
" دون بروفانزانو .... "
" تعازي لك سيدتي ... "
أومأت و لكنها بلهفة تساءلت عن ابنتها
" كيف هو حال فيريا ؟ "
فنفى بهم
" سيء جدا ..... يمكنك رؤيتها إنها داخل هذه الغرفة "
أومأت ثم تجاوزته ذاهبة نحو الباب الذي أشار اليه و ما إن أقفل ذلك الباب حتى أخرج مسدسه من خلف حزامه و سترته و في تلك اللحظة سيلفانو كان قادما من المطبخ يحمل كوب ماء لوالدة فيريا فتوسعت عينيه و ركض له ليضع الكوب على الطاولة ثم تساءل
" ما الذي ستفعله ؟ "
و لكن عينيه التي اسودت فجأة كانت تحمل الاجابة بدون أن يقولها لسانه
" ابتعد عن طريقي سيلفانو "
حاول سيلفانو منعه و لكنه دفعه و غادر المنزل فلم يستطع اللحاق به لأن فيريا و والدتها بعهدته ولا أحد يستطع توقع حركة فاليريو التالية لذا تراجع فقط و أقفل الباب
*
وقف وسط المكتب ثم رفع كفه ليرسم ابتسامة على ملامحه و بدأ يعد تنازليا
" خمسة ، أربعة ..... ثلاثة ، اثنان ، واحد "
و بمجرد أن ضم كفه تم دفع الباب بقوة ليفتح بدون أن يدير من خلفه المقبض و من سيكون خلفه غير الدون بروفانزانو و الذي مباشرة وجده يقف مقابلا له و واضعا مسدسه على جبينه
وسع من ابتسامته الخبثة ليرفع كفيه معا و نبس بصوت حقير
" ها أنت تثبت شكوكي يا صديقي "
إلا أن تشانيول لم يجبه و كل ما فعله أنه جعل المسدس يصدر صوته ثم حرك اصبعه على الزناد لينبس بعدها بينما يحدق بعينيه
" أتلو دعاء الجحيم فاليريو "
نهاية الفصل السادس و الثلاثون من
" الكسير "
نهاية حماسية جدا فما الذي تتوقعونه ؟؟
و إلى أن نلتقي في فصل جديد كونوا بخير أعزائي
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro