٥
هذه المرة استيقظت باكراً، لن أفوِّت الإفطار بعد الآن ولن أهرب من إيڤار، مشيت خارج غرفتي، كان البيت هادئ على غير المعتاد.
كانت غرفة إيڤار المجاورة مفتوحة، عقدت حاجبي باِستغراب لأتمتم "أين ذهب"
اتجهت لغرفة أبي، قبل أن أطرق الباب سمعته يقول إسمي، لا أستطيع كبح عادتي السيئة، وضعت أذني على الباب واكتشفت أنه يتحدث مع إيڤار عنّي!
"هذا خطأ لا يغتفر... جين كادت تسقط من السطح! أنت لا تقوم بعملك يا إيڤار!"
"أنا أقدّم أفضل علاج لها... أنت لا تعرف شيء عنها كما أعرف أنا، ثِق بي يا سيد ليون، قريباً سوف تتخلص كلياً من هذا النوم المفاجئ"
ابتعدت عن الباب بصدمة عارِمة، أبي كاذِب! لقد جلب إيڤار إلى هنا حتى يعالجني، طبيب نفسي آخر يتدخل في حياتي... لماذا لم يخبرني إيڤار بذلك في الأمس! اعتقدت أنه لا يريد إخفاء شيء بعد الآن...
عدت لغرفتي، كنت أشعر بالسخط والخيبة، أرغب بالصراخ بقوة... لم أعد أحتمل هذه المعاملة... كيف لي أن أجعله يفهم أني لست مريضة، وأن كل هذا بسبب إيڤار من الأساس، ولكن لماذا أتعِب نفسي، سوف يعتقد أن كل ما أقوله هو كابوس غبي راودني.
فتحت درج خزانتي وبحثت عن بطاقة السيد جيمس الذي اِلتقيت به في المقهى، يجب أن أقطع هذه الرابطة مهما كلّفني الأمر، في نهاية المطاف، هربت من البيت، وجدت نفسي أمام منزل آيانا، لقد اتفقنا أن توصلني إلى منزل المحامي.
خرجت وأغلقت الباب خلفها بينما تلوّح بمفاتيح سيارتها "مرحباً! إذاً... هل أنتِ بخير؟"
أومأت ببرود أعصاب "لقد اعتدت على ذلك... هيا، لا أريد أن أتأخر عن موعدنا معه، إنه محامٍ تعلمين كم أن وقتهم ثمين"
أخذت العنوان ثم قادت سيارتها الكهربائية إلى منزله حيث الطريق فارغ كأنه ملك لنا وحدنا والأشجار الكثيفة تزيّن أطرافه، وصلنا إلى وجهتنا، كنت أستطيع رؤية كيتي تلعب في الحديقة الأمامية مع الدمى والدببة خاصتها وتصنع لهم حفلة شاي.
منزله أنيق جداً، آيانا كانت تفضل البقاء في السيارة ولكني سحبتها معي رغماً عنها، سرعانما رأتنا كيتي نحاول عبور البوابة ركضت نحونا وعانقت خصري وهي تصيح "الآنسة جين! إلعبي معي!"
ضحكت آيانا "أي كائن لطيف أنتِ! ما هو إسمك!؟"
"مرحباً بكِ آنسة جين!" صوت جيمس ظهر من بعيد، كان يتقدم إلينا، ابتسم بوجه آيانا "مرحباً بكِ! تفضلا بالدخول!"
قادنا إلى غرفة المعيشة وطلب منا الجلوس بينما كيتي ركضت ولحقت بنا، كانت تدور حول الأرائك وهي تصيح بحماس "لدينا ساحرة في البيت!!"
قبضت آيانا عليها قبل أن تدور أكثر، رفعت حاجبها متبسّمة "كيتي أليس كذلك؟ أنا آيانا، كيف تعرفين أني ساحرة"
ابتسمت بحماس ووضعت يديها الصغيرتين على وجه صديقتي "أستطيع رؤية أشياء برّاقة وملونة تطوف حولك، إذاً أنتِ ساحرة بلا شكّ، بينما الآنسة جين لديها ضباب أسود كثيف وهذا يعني أنها ألميترا! مثلي أنا"
سحبها جيمس بخفة من كتفيها "كيتي يا صغيرتي إلعبي في الخارج قليلاً إلى أن ننهي اجتماعنا حسناً!"
أومأت وركضت للخارج من جديد بينما تغني بصراخ "الساحرة الصغيرة تاهت في الغابة وعثرت على الإجابة واحد اثنان ثلاثة!"
ارتمى جيمس على الأريكة وتنهد باِسترخاء "أتحبان شرب شيء"
"الشاي فقط"
قالت آيانا بفضول "أتسمح لي بسؤالك، أي نوع من المخلوقات أنت"
"في الحقيقة أمي كانت بشرية وأبي كان... شيء يُسمّى طائر العنقاء، في هيأته الشبيهة بالبشر"
قالت آيانا بذهول "لا تخبرني أنك في الوجود منذ آلاف السنين! وكيتي!؟"
ضحك جيمس بخفوت، قبل أن يتكلم قدّم لنا مدبر المنزل بعض الشاي "أعرف ماذا تفكران! كيتي ألميترا هذا صحيح، إنها إبنتي، متبناة، استطعت العثور عليها سرعانما وُلِدَت وتم نبذها في الميتم، إنها في السادسة فعلياً الآن"
من المؤسف سماع شيء كهذا، إنها فتاة مذهلة، من الجيد وجود السيد جيمس بجانبها.
تابع بعدما ارتشف من الشاي "باِختصار ليس بالضرورة أن تكون الألميترا خاصتي في مثل سني أو أي شيء!"
رفعت حاجبي لآيانا في الخفاء قبل أن تسأله المزيد من الأمور الشخصية، ابتسمت بإحراج وقالت بينما تنسحب للخلف بجلوسها "حسناً كان من الرائع التعرف عليك يا سيدي، جين ترغب بأن تعرف كيف يمكنها فصل رابطتها مع... الشخص الآخر"
حوّل أنظاره إليّ وقال بخيبة "آنسة جين يؤسفني أن أخبركِ أن هذا مستحيل، الكيان الذي يتبعك يحتاج إليكِ، هذه الرابطة ليست حبل حتى تُقطَع، إنها أكبر من ذلك بكثير"
"ولكن لماذا! إنه يبدو دائماً أقوى مني، أنا لا أملك أي قدرات خاصّة مميزة عن باقي البشر، هل تفهم قصدي يا سيد جيمس!"
"ليس بالضرورة، هناك نظرية تقول أن المخلوق الذي لا يُقهَر يصنع له القدر نقطة ضعف من حيث لا يدري، كلما كان المخلوق أقوى كلما زادت احتمالية أن يحصل على توأم روحي، أو أن يحصل على ألميترا، وأن تكون دائماً مِن أضعف المخلوقات مثل البشر بدون إهانة"
تنهدت باِنزعاج ونظرت حيث جبيرتي "ولكن ماذا أفعل! أنا لا أستطيع السيطرة عليه..."
"سوف تكتشفين ذلك مع الوقت، أستطيع إرشادك إلى شخص آخر، صديقة لي لديها خبرة بهذه المواضيع أكثر مني" بحث جيمس في هاتفه للحظات ليتابع "ها نحن ذا!" كتب رقم على قصاصة ورق وأعطاني إياها، مكتوب هنا أنها فتاة تُدعى غلوري.
آمل أن أعثر على الإجابات... نهضت آيانا عن الأريكة لتتفوه "شكراً لحسن ضيافتك يا سيدي" كانت تساعدني على الوقوف بينما جيمس يتحدث "رجاءاً نادِني جيمس وحسب"
حادثته بتبسم "حسناً يا جيمس! علينا الذهاب الآن، آمل أننا لم نلهيك عن عملك"
"لا أبداً لست مشغول اليوم، كان من الجميل التحدث إلى أشخاص يعرِفون بوجود عالمنا"
تركنا الرجل وشأنه في النهاية، كنت أمشي مع عكّازاتي في المرج خاصتهم بينما صديقتي تتهامس عنه "يا للهول لقد حصدت معجب جديد، أراهن أنه سوف يطلب منكِ أن تجمعينا سوياً في مناسبة ما قريباً جداً"
ضحكت بخفوت "أتعرفين ربما أنتِ محقة، كان يحدق بكِ كثيراً"
ضحكت بسخرية "ربما؟ عزيزتي أنا ساحرة، لا أقول شيء خاطئ!"
كيتي شاهدتنا وركضت نحونا بسرعة، بدأت تشد فستان آيانا المزركش "آنسة ساحرة أرجوكِ إلعبي معي! لقد انتظرتكِ طويلاً"
عضت آيانا شفاهها السفلية ونظرت إلي ببراءة، ابتسمت بغباء "ماذا؟"
نزلت إلى مستوى الصغيرة ورفعت رأسها وهي تحادثني "إرجعي وحدك! سوف أبقى مع كيتي قليلاً"
"ولكن كيف يفترض بي العودة وحدي بساق مكسورة!"
صرخت كيتي بضحك وهي تسحب آيانا بعيداً "إندهي على إيڤار!"
تباً كيف تعرف هذه الطفلة كل شيء! أعتقد أني سأصعد الحافلة لأن آيانا هربت للتو، تنهدت باِستياء ومشيت للخارج، لم أعثر على الموقف، الطريق فارغ ومليء بالأشجار على ضِفافه، توقفت عن السير للحظات وبحثت في تطبيق المِلاحة عن موقعه.
"لماذا أنتِ وحدك!" إيڤار ظهر بشكل مفاجئ من بين الأشجار وتحدث إلي كأنه شبح، أخذت نفس عميق بعد الفزع الذي سببه لي لأتفوه "هذا ليس من شأنك"
حاولت المشي لكنه وضع يده على ذراعي "ما الخطب؟"
"لماذا لا تكتشف بنفسك! ألست طبيب وتستطيع قراءة لغة جسدي" حادثته بغضب ومشيت مع عكازاتي البغيضة، أريد فقط أن أتخلص من كل هذه العوائق وأتمكن من الركض والهرب متى ما شئت!
ظهر أمامي من العدم فجأة وأمسك كتفيّ "جين توقفي!"
"إبتعد عن طريقي! لقد ظننت أنك لن تخفي عني أي شيء بعد الآن"
قال باِنفعال "مهلاً! لقد كانت فكرتي، لم أكن لأستطيع رؤيتك لو أني لم أخبر والدكِ بتلك الكذبة، الحل الوحيد لإقناع والدكِ بالبقاء معك كان أن أدّعي أني طبيب"
زفرت أنفاسي باِنزعاج لأستطرد "فقط توقف عن الكذب وإخفاء الأمور عني... على الأقل إذا كانت لديك ذرة اهتمام بشأني"
حاولت الرحيل لكنه أوقفني مرة ثانية بكلامه "أنا لا أهتم بشأنك... أنا لا أعرف بعد الآن"
ابتسمت بخيبة "لا بأس، ليس شيء جديد أسمعه"
زفر أنفاسه ببؤس، كانت الشرايين السوداء ترتسم حول عينيه بدون سبب، حدّق في كفّيه حيث ظهرت عروقه المظلمة تحت جلده ليتفوه "أنتِ لا تفهمين... أنا لا أفهم كذلك، ولكن... بات لديّ شعور نحوك، كأنّني أعشقك"......
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro