مِن حَلوى!
«دَاخِلَ نفَقِ الظَّلاَم تَرتَصُ فِيهِ أَعْمِدَةٌ مِن نَار لِتُنِيرَ المَكَان، لاَ أَملَ للهُرُوبِ أو الفِرَار، يَلتَفُ حَولَكَ شَياطِين يَتَراقَصُونَ باسْتِمتَاع، لِوَجبةٍ دَسِمةٍ مِن لَحمِ البَشَرِ تُحَضَرُ مِن أَجلِ العَشَاء، هَل هُنَاكَ أَملٌ فِي النَّجاة؟ حتَّى لَو كَانُوا شَياطِينَ مِن حَلوَى لاَ مِن نَار. لَكِن لَحظَة مِن حَلوَى!».
سيارة تسيرعلى طريق شبه فارغ، حيث لم تمُرَّ سيارة غيرها منذ أكثر من نصف ساعة، ولا يحيط بها سوى أشجار وغابة من كلى الجهتين.
«هل أنت متأكد أننا لم نضع الطريق هاري؟ مضت أكثر من ساعتين ونحن نسير ولم نصل بعد للمخيم».
خرج الصوت من فاه الفتاة شقراء، وهي تحرك زرقاوتيها من جهة اليمين واليسار وكأنها ستجد الطريق بتلك الحركة.
رفع المدعو هاري يده الموضوعة على المقود، لتتخلل خصل شعره البني الألمس، يبتسم باتساعٍ واستمتاعٍ على توتر وخوف سيليا الباديان منذ بداية الرحلة إلى الآن: «توقفي عن القلق سيليا، لا لم ولن نضيع مادمت أنا من يقود…».
قاطعه جون بسخرية لاذعةٍ اعتادوا عليها منه: « اوه، بربك سيليا كيف نضيع وسيد هاري معنا، خبير الطرقات وأفضل سائق، وله خبرة كبيرة في التخييم. بل قولي سنموت من الجوع أو أن تلتهمنا إحدى الحيوانات المفترسة، اوه أو لا لا ماذا عن كائنات غريبة، الأشباح مثلاً».
صرخ عند نطق الكلمة الأخيرة، لتتالى خلفه صرخة أطلقتها سيليا المرعوبة من كلامه.
ليضحك هو وهاري، على جُبنها وخوفها المبالغ به، وضربا كف بعضهما.
«توقف عن التصرف كل الأطفال جون هذا ليس مضحك، لقد أرعبتها».
أنّبته كرستين على فعلته لتضرب مأخرة رأسه بحنق وغضبٍ شديدين. أعادت خصلًا من شعرها الغجري ذو الون البني المناسب لبشرتها السمراء، خلف أذنها لتعيد ظهرها للخلف مستندة بالمقعد، بينما فرك جون رأسه مكان الضربة بألم خفيف.
«أحسِدُ إبونين على هدوئها وبرودة أعصابها، وكأنها ليست معنا».
نطق هاري بكلماته، بعدما لمحها من المرآة الأمامية تمسك بكتابٍ لم تتركه منذ بداية الرحلة.
إلتفت جون الجالس جنب السائق للخلف حتى يرى تلك الصهباء، ولم ترفع حتى عينيها بعدما حدثها هاري.
«مع من تتكلم يا هاري، إنها دودة كتب همها الكبير القراءة، تخيل أنها تفضل الذهاب للمكتبة على السوق، مختلفةٌ عن من هم في سنها».
نطقت سيليا بسخرية وألقت عليها نظرة احتقارٍ، لتسرق منها الكتاب وترميه بسرعة من النافذة.
صرخت إبونين عندما لمحت كتابها يطير ويختفي بسبب سرعة السيارة.
«اللعنة عليك سيليا لماذا قمتِ برميه؟».
«لأنني أردت فعل ذلك».
تكلمت بطريقةٍ مستفزة جعلت إبونين تستشيط غضبًا، حاولت تهدأت نفسها وأعادت التحكم بأعصابها، بعدما كانت ستقدم على شد شعرها: «فتاة غبية»
همست كي لا يصل لأحد غير سيليا الجالسة بجانبها ونجحت خطتها في جعلها تغضب لتبتسم بنصر.
«ماكان عليكِ فعل ذلك سيليا، وأنتِ إبونين اِستمتعي معنا ودعك من الكتاب، جأنا من أجل المتعة فالنستمتع إذن ».
تكلمت كرستين بهدوء وابتسامةٍ بسيطة جعلت غمازتها تظهر.
«إذن متى سنصل؟».
سألت إبونين هاري، وهي تتجول بناظريها عبر النافذة تتأمل الطريق وعينيها الخضراء تنتقل من مكانٍ لمكان.
إنعطف هاري نحو اليسار ووصل لمكانٍ مغلق حيث أن الطريق قد انتهى مع هذا المنعطف، ليصبح كل ماحولهم طبيعة خضراء وأشجار شامخة.
«وهاقد وصلنا».
نطق الجميع في وقت واحد مع تنهيدة راحة بوصولهم «أخيرًا».
كان أول النازلين هو جون، لتتبعه إبونين وكرستين ثمّ هاري، والأخيرة سيليا.
«أوه الجو بارد».
شعرت إيبونين بالبرد لتشد من معطفها على جسمها أكثر.
ابتسمت كرستين وحضنتها على جنبٍ قائلة: « هل سمعتِ عن من يأتي للتخييم بتنورة».
قاطع حاورهم جون القائل بحماس: «والآن دعونا نكتشف المكان قبل الغروب، من سيأتي معي؟».
«هل تمزح أم أنك تمزح، لن أتحرك من مكاني، دعونا ننصِب الخيام هنا وانتهى الأمر».
سارعة سيليا بالكلام لتبدي نفيها للفكرة باقتضاب.
«إذن ستبقين بمفردك هنا فالجميع يريد الذهاب، وأيضًا يجب أن نجلب بعض الحطب، هذا إن كنتِ لا ترغبين بالتجمد في الليل».
كان المتكلم هاري، ليقوم الجميع بوضع الحقائب على ظهرهم، ويسيرون لتّوغُّل في الغابة.
«هل سنتركها بمفردها؟ لا أظنها فكرة جيدة فسيليا تخاف من أبسط الأشياء، قد يغمى عليها إن رأت نملة».
سألت كرستين هاري بخوفٍ من فكرة حصول شيء سيء لها.
«لا تقلقي ستلحقنا». أجابها جون وعلى وجهه ابتسامة ثقة.
قام هاري بمد يده ليفتح إصبعًا بعد إصبع وهو يعد « واحد، إثنان وثلا… ».
لتأتي سيليا مسرعةً اتجاههم قائلة: لم أشئ ترككم تتجولون من دوني قد تحتاجون مساعدتي. لتقوم بإعادة شعرها الأصفر خلف أذنها ببعض الغرور مخفيةً خوفها.
ضحك الجميع على تصرفها وأكملوا سيرهم متوغلين في الغابة.
كانت كرستين تتبادل الكلام مع هاري، يمشون مع بعضٍ، بينما خلفهم سيليا وجون الذي لم يستسلم من محاولة إخافتها، وإيبونين تمشي بمفردها تتأمل كل ماحولها.
كان الطريق مخيف، فالمكان الذي وصلوا له أشجاره شبه عارية الأوراق وصوت نعيق الغراب يصدح في الأرجاء، الشمس قد بدت ذابلةً وخجلةً توشك على الإختباء في بيتها، بعدما انتهى دوامها لهذا اليوم، ويحتلُّ مكانها بعد فترةٍ، القمر بضوءه المستمد منها، وأشعتها البرتقالية تودع الأرض بدفئها الخافت.
بدأت الغيوم في التجمع شيئًا فشيء، حتى أظلمت السماء، ودلَّ هذا على وشك هطول المطر.
لمحت إيبونين على إحدى الأشجار حفرةً تشبه بيت سنجاب، لم تمنع فضولها من معرفة إن كان بالفعل بيت سنجاب أم لا.
حاولت رفع نفسها كي تصل لطول الشجرة وماكن عليها سوى الوقوف على رؤوس أصابعها، نجح ذلك لتنتقل بعينيها داخل الحفرة المظلمة، صرخت فزِعتًا عندما ارتطمت جبهتها بجسم كائن، هرب السنجاب بخوفٍ وسار هاربًا عن المكان، بينما إيبونين فركت جبينها بلطفٍ محاولةً طرد الألم.
اِنتبهت لسّنجاب الهارب ولفت انتباهها بلونه الوردي الغريب الأشبه بلون غزل البنات، سارت خلفه متتبعةً خطاوته، والفضول ينهشها لمعرفة سبب لونه وإن كان حقيقة أم مجرد تخيلات.
اِلتفتت كرستين بضجر من حماقة جون وخوف سيليا من أي كلمة يقولها، كانت تنوي الصراخ عليهم علّهم يتوقفون عن هذه التصرفات الطفولية، لكنها أعادت إغلاق فمها بعدما فتحته وعقدت حاجبيها باستغرابٍ لتبحث بعينيها في الأرجاء عن إبونين.
بدت علامات الإضطراب جليّةً على ملامحها والخوف قد سرق جزءً منها هو الآخر.
توقف هاري عن السير وكذلك فعل الإثنين، بعدما انتبهوا لتصرفات كرستين وكأنها تبحث عن شيء.
سأل هاري ممسكًا كتفها: مابكِ كرستين، عن ماذا تبحثين؟
جاء صوت جون بعدما لمح هو الآخر اختفاءَ صديقتهم: شباب أين ذهبت إيبونين؟
بدء الجميع بالإتفات والبحث عنها في الجوار منادين باسمها، ولكن مامن مجيب.
« أيعقل أن الأشباح قد اختطفتها، أو تهجم عليها أحد وحوش الغابة وقامة بسرقتها ».
جاء صوت سيليا الخائف المرتجف وهي تضع اِحتمالات عديدة أغلبها من حكايات جون المخيفة التي كان يقصصها عليها، ثم أردفت: لربما مصاصي الدماء قد قاموا بعضها لتصبح هي الأخرى مثلهم…
قاطع كلامها زمجرة كرستين وقد نفذ صبرها من تفكيرها غير العقلاني: توقفي سيليا عن هذه الأفكار الأشبه بقصص الأطفال بربك كيف تصدقين هذه الأشياء؟
« لأنها حقيقة أصدق بها، لا يعقل أن مصاصي الدماء لا وجود لهم أم أن الأشباح غير حقيقيين ».
« أجل إنها كذبة لا وجود لهم، اللعنة عليك سيليا ليس وقت جدالك علينا إيجاد إيبونين ».
كانت سيليا مستعدة للكلام لكن هاري قاطعها: هيه فتيات توقفن عن المشاجرة، ليس الوقت الأنسب علينا إيجاد…
لم يكمل كلامه بسبب صراخ أفزعهم وجعل هاري وجون يركضون بأقصى مالديهم بينما البنتان يتبعانهما.
أكملت إيبونين السير خلف السنجاب تتعثر مرة بحجرة ومرةٌ أخرى بغصن يابس. توقف السنجاب فجأة والتف لها، كانت تبعد عليه بمتر أو متر ونصف، وقفت هي الأخرى وجلست القرفصاء حتى يتسنح لها تأمله جيدًا، فوجأت من لون عينيه الكرزية وكم بدى وديعًا بهذه الأوان الغريبة، تشعر للولهة الأولى أنه مصنوعٌ من الحلوى من قبل يد إنسان وليس حقيقة، لكن عندما تمعن النظر سترى تفاصيل حقيقية لا يمكن صنعها.
مدت يدها له وابتسمت بلطفٍ كي تبعد عنه الخوف قائلةً: تعال أيها السنجاب اللطيف، لن أأذيك، يا إلاهي كم أنتَ جميل.
لم يتقدم السنجاب خطوةً منها، بل هرب واختفى خلف تلك الشجيرات الكثيفة والقصيرة.
«اوه، لماذا تعال أيها السنجاب لن أفعل لك شيء!».
وقفت ونفضت التراب عن تنورتها النارية، المشابهة للون شعرها، لتضرب قدمها على الأرض متكتفت اليدين.
أسرعت نحو الشجيرات أين عبر، وحال ماوضعت قدمها اِنزلقت لأسفل المنحدر لتصرخ كردة فعلٍ لما حصل.
«إيبونين أين أنتِ؟»
«إيبونين أرجوكي ردِّ، هل تسمعيننا؟»
«إيبونين»
كان الجميع يصرخ مناديًا عليها، بعدما ركضوا عند سماعهم لصراخها، علّها تسمعهم وتدلهم على مكانها، هذا إن لم يحصل لها شيء.
«أيعقل أن شيء قد حصل لها؟».
تكلمت كرستين وبعضٌ من الخوف قد سيطر عليها.
نفى جون ذلك برأسه كي لا يثير الرعب في نفسها أكثر من هذا، وإلاّ فهو الآخر يشعر بالخوف من ما قد حصل لها: لا تقلقي كرستين ربما، قد شعرت بالذعر لرأيتها حيوانًا ما.
«حتى هذا مخيف تخيل أن يكون ذئبًا أو ثعبانًا ما» هذا ما قالته سيليا بخوف.
أكمل هاري السير متجاهلاً كلامهم، فقد زاده توترًا فحسب، ليصرخ مرةً أخرى راجيًا أن ترُدَّ عليه هذه المرة: إيبونين هل تسمعيننا؟
بينما كانت تجلس على الأرض تعض شفتها السفلى من ألم الجرح الذي حلَّ بساقها، والدَّمِ النازل منه، حاولتِ الوقوف ولكنها لم تستطع.
نزعت حقيبة الظهر واضعتًا إياها جنبها، لتبحث عن شيء قد يساعدها في إيقاف النزيف، في تلك الأثناء سمعت نداء وكان باسمها، شعرت أنه بدى الصوت يقترب أكثر فأكثر، وعند سماعها لصّراخ الأخير أيقنت أنه صوت هاري، لتنادي هي الأخرى بأقصى صوتها.
«هاري أنا هنا».
جاء صوتها مناديًا ليسمعه رفاقها، همّ هاري بالجري يتبعه الباقين نحو الصوت ووصلوا لمكان الشجيرات.
أعاد هاري الصراخ: أينَ أنتِ؟
«أنا هنا في الأسفل، إنتبه من المنحدر حتى لا تسقط» تكلمت بصوتٍ عالٍ وصل لهم.
أبعد الشجيرات حتى يرى طريقه ليلمح آثار انزلاق شخص، نزل ببطءٍ كي لا يسقط وأكمل على هذا المنوال حتى وصل ليرها جالسةً بين الأعشابِ وحقيبتها جنبها.
وكذلك الباقين نزلو بحذرٍ وبطء، وكرستين تمسك بيد سيليا حتى لا تسقط، يسبقهم جون إلى أن وصلوا لأرضٍ مسطحة.
جلس في مستواها راكعًا يجول بعينيه في جسمها، يتأكد إن كانت بخير أم لا. ولتف الباقين حولها.
«كيف وصلتِ هنا إيبونين؟».
سألها جون وهو يأخذ نفسًا عميق يبعد القلق الذي اجتاحه.
بينما هاري قام بتضميد جرح ساقها حال ما رآه.
«رأيت سنجاب، سنجاب وردي غريب جدًا كنت أتبعه وعندما وصلت عند الشجيرات سقطت».
فتحت سيليا عينيها بصدمة لتصرخ بحنق: هل تقصدين أنك أرعبتنا وجعلتنا نركض بخوفٍ باحثين عنك، ووصلنا إلى هنا بسبب سنجاب، لا ووردي أيضًا لو كنت طسيمة لما صدقت.
«أنا أقول الحقيقة إنه وردي».
نبست إيبونين بخفوت، وهي ترى عدم التصديق باديًا على ملامحهم.
ضحك جون وقام بنقر جبهتا بإبهامه ووسطاه قائلاً: أظن أن الكتب التي قرأتها بدأت تأثر عليك بعض الشيء.
أبعدت يده بغضب، وقوفت بمسامعدة هاري ونفظت الغبار عن ثيابها.
«والآن كيف سنصعد؟». نطقت كرستين متكتفة الأيدي تنظر للأعلى أين كانوا.
قامت إيبونين بحمل حقيبتها واقفتًا تمشي بتعرج باسمة: يمكننا الصعود.
ابتسم هاري بسخرية ليقول: الأول أمشي جيدًا بعدها سنصعد،
ثم أعقب بجدية: حسنًا سنخيم هنا، أنتن إبقين هنا وحاولن نصب الخيام، وأنا وجون سنذهب للبحث عن الحطب.
وسار مع جون حال ما أنهى كلامه. بدأن في محاولة نصب الخيام ونجحن في ذلك بعدما استغرقوا فترة من المحاولة.
سألت سيليا بتوتر: ألم يتأخرا؟
«لا تقلقي سيعودان في أقرب وقت».
أجابتها كرستين محاولة تهدأتها، بينما وقفت إيبونين لتتجول في المكان.
زاد تجمع السحب وزدادت سوادًا وأظلمت السماء أبكر عن اللازم، لتثقل بالماء وتعلن عن نفاذ قوتها في تحمل كل ذاك المطر، فبدأت بهطول بضع القطرات لتروي الأرض.
أسرعت الفتيات في الإختباء داخل الخيم، وهنّ متأكدات أنها لن تتحمل الكثير حتى تتبلل.
كانت آخر الداخلات إيبونين، لتغلق الباب القماشي خلفها: لا أظن أن الخيمة ستصمد كثيرًا.
أيدتها كرستين قائلة: أجل، لو هناك طريقة للعودة لسيّارة على الأقل لن نتبلل.
«كله بسببك إيبونين تُهنى في هذه الغابة المخيفة». تكلمت سيليا بهجوم وحقدٍ دفين.
قلبت زمردتيها بملل دون إضافة أي كلمة، فلا تريد نشب شجار في مثل هاته الظروف.
«يا فتيات أين أنتن؟».
جاء صوت هاري المنادي لتطل عليه إيبونين من الخيمة قائلة: نحن هنا.
حال ما لمحها هرول تجاه الخيمة هو وجون ليدخلا، فالمطر قد ازداد قوة وقد تبللا بشكل شبه كامل.
«وجدنا كهف لا يبعد عن هنا سوى القليل أظن أنه سيفي بالغرض» أسرع جون في الكلام بحماسٍ من فكرة الجلوس داخل كهف.
كانت أول المتكلمين هي كرستين قائلة: وهل هو آمن، ربما يكون بيت أحد الحيوانات.
«هل تمزحين كرستي، لا توجد حيوانات مفترسة في هذه الغابة هيّا لنذهب، أم تريدون البقاء تحت المطر؟». تكلم بشيء من السخرية عن فكرة وجود حيوانات مفترسة هنا، وأنهى كلامه برفع حاجبٍ واحد ينتظر الجواب عن فكرة الكهف.
«لا مانع لدي هيّا لنذهب».همت إيبونين بالخروج وقد راقت لها الفكرة.
ليتبعها هاري وجون وكرستين أمّا الأخيرة سيليا التي لم تنطق بكلمة، لكن الخوف لم يفارق وجهها تتبعهم بصمت فحسب.
حال ما جمعوا أمتعتهم بسرعة توجهوا للكهف الذي لم يبعد سوى بضع أمتار عنهم.
«اوه كهف جميل» أبدت إيبونين إعجابها من شكل الكهف وكذلك فعلت كرستين.
«أجل حقًا جميل ونظيف وكأن شخصًا ما يقوم بتنظيفه كل يوم».
أيد كلامها هاري وهو يتنقل في الأرجاء.
قام جون بإشعال الحطب الذي جمعاه وقاما بوضعه هنا عند اكتشفِ الكهف.
إلتفّ الجميع حول النار لتدفئة أجسادهم من برد الجو، وكي تجف ثيابهم من البلل.
«ما عشاء اليوم؟». نطق جون سؤاله فجأة ليقطع به كلامهم.
«ربما لحمٌ مشوي». ابتسمت كرستين مجيبةً على سأله، لتنهظ وتبدأ في تحضير أعواد الشوي والأشياء الأخرى، فهي أمهر واحدة في الطبخ بينهم فأوكلت لها مهمة الطبخ عندما جهزوا للرحلة. أردفت برفع سبابتها بتحذير: من لا يساعد لن يأكل.
صرخ الجميع بفرح ليهرعوا لمساعدتها على التجهيز.
مضت سويعات قليلة وكانو قد أنهو مهمة ملإ بطونهم، وعاودوا الجلوس حول النار يتسامرون ولايزال المطر يهطل حتى الآن بل ازداد قوة.
«مارأيكم بقصص مخيفة». سأل جون رفاقه مع ابتسامة مخيفة، لتكون أول الصارخين برفض هي سيليا.
«أكرمنا بسكوتك أرجوك جون، قصصك مزعجة وغبية لا تمد للخوف بصلة». تكلمة كرستين بسخرية.
بينما نشب شجار الكلام بين الثلاثة: جون وكرستين وسيليا. شعرت إيبونين بأن شخصًا ما يراقبهم، إلتفت لتلك الجهة ولكنها لم ترى شيء.
وقفت لتستطلع المكان، وترى إن كان هذا الشيء حيوان أم أنها مجرد تخيلات.
لحق بها هاري حال ما لمحها تقف، وقد شعر هو الآخر أن هناك شيء ما يراقبهم منذ البداية.
شعرت إيبونين بيد توضع على كتفها همّت بالإلتفاف والصراخ، إلاّ أن يدًا وضعت على فمها منعتها.
«إنه أنا هاري لا تخافي». همس هاري في أذنها حتى يبعد الخوف عنها.
أبعدت يده عن فمها، تنهدت براحة لتقول وهي تكزه: أخفتني يا غبي.
«بل أنت الجبانة». وسار للأمام يسبقها.
هرولت لتصبح بمحاذاته قائلة: لا تلمني حسبتك الشخص الذي يراقبنا.
وقف والتف باتجاهها ليقول: إذن لم أكن أتوهم لقد شعرت أن هناك شيء ما يراقبنا منذ البداية.
«أنت أيضًا» هتفت باندهاش وصدمة وقد سرت قشعريرة في كل أطرافها.
همّ هاري بالكلام، لكنه توقف عندما لمح شيء قصير القامة يهرب حال ما لمحه. إلتفت إيبونين هي الأخرى ورأته، ليركضا خلفه.
صرخت فيه إيبونين: توقف لن نأذيك.
إلتف للخلف ذاك الكائن الهارب، ليتعثر بحجرة جعلته يسقط، إغتنم هاري سقوطه ليسرع أكثر وقام بامساكه.
جلسة هي الأخرى على ركبيتها جنب هاري و القزم الصغير، فتح الإثنان فاههم من الصدمة.
«ماذا هناك يا رفاق؟».
جاء صراخ جون والفتاتان خلفه، يركضون حال ماسمعوا صراخ إيبونين المنادي.
وقفت كرستين أمامهم وهي تنظر باستغرابٍ لشيء الذي بين أيديهم: ماهذا الشيء؟
«أنا لست شيء يا أنتِ، بل بونينور».
تكلم القزم بشيء من الحدة.
«واو يستطيع الكلام كم أنت لطيف» لم تتحمل إيبونين شكله اللطيف، من وجهٍ الوردي و شعرٍ من غزل البنات وأنفٍ وفمٍ من بلون الشكولاطة أو ربما هو من الشكولاطة حقًا، بينما كان ككل بلونٍ وردي وكأنه مصنوعٌ من الحلوى.
هذا ما كان يجول في ذهن إيبونين وهي تتأمل الكائن الغريب.
«لستُ كذلك» أعاد الكلام بحدةٍ وكأنه لا يتحمل البقاء معهم.
جلست كرستين القرفصاء وأمسكت بوجنتيه لتقرصها بلطف: يا إلهاي وكأنها مرشملو، ما إسمك؟
«سام».
سأل جون وهو ينظر له بغباء وحيرة مميلاً رأسه بجنب: هل أنت فتى أم فتاة.
«وهل يبدوا صوتي واسمي لولد؟» تكلمت بسخرية وغضب بدى جليًا على ملامحها.
حاولت تحرير نفسها من قبضت هاري، لكن دون جدوى: أتركوني، ماذا تريدون مني؟
«لكن من تكونين ولما أنتِ هنا؟».
سأل هاري بجدية.
سكتت سام لهنيهة لتبتسم قائلة: أتركني وسأخبرك من أنا، وسآخذكم لقريتي أيضًا.
لم ترق الفكرة سيليا لتنفيها هازتًا رأسها بخوف: لا تفعل هذا، كيف نصدق أنها لن تأذينا.
ضحك جون ساخرًا من كلامها: بالله عليك سيليا كيف ستأذيك وهي لا تصل لنصف طولك.
«هيّا اتركها هاري ودعها تعرف عن نفسها». تكلمت كرستين بحماس من المغامرة التي ستخوذها مع هذا الكائن اللطيف.
ترك هاري يد سام وقبل أن يفلتها بالكامل حذرها قائلاً: إيّاك والهروب
«لا تقلق لست جبانة» مسدت يدها لتزيح الألم الذي سببته لها يد هاري.
وقف الجميع ينتظرون من القزمة الكلام، لتقفت معهم ونفظت الغبارعن ثيابها لتقول بعدها: إتبعوني.
مشا الجميع خلفها بحماس لمعرفة المزيد عن هذا الكائن الغريب، ما عدى سيليا التي تسير خلفهم غصبًا عنها خوفًا من البقاء وحدها وفي نفس الوقت خائفة من ما سيحدث.
سألت إيبونين بفضول لم تستطع كبحه: هل أنتِ مصنوعة من الحلوى؟
«أجل» أجابتها سام لتنعطف في السير يتبعونها وقد تعمقوا في السير داخل الكهف العميق المظلم والذي لا ينيره سوى حطبةٍ مشتعلة يمسكها جون.
أكملت حديثها بعدما أخذت نفس عميق: نحن البنينور كائنات خلقنا من حلوى وجدنا منذ أكثر من مائة قرن، لكن بدء عددنا بالتناقص وأصبحنا مهددين بالإنقراض لذا قرر حاكم قريتنا أن نخفي القرية عن أنظار البشر وهم السبب الرئيسي في انقراضنا، فبنينا حولها هذا الكهف وجعلناه مخفيًا عن أنظار البشر، منذ أن بنيناه لم نرى إنسانًا واستطعنا المحافضة على سلالتنا.
«هل تخافون من البشر؟». سألتها سيليا حال ما انتهت من كلامها.
أجابتها سام ببساطة وهي تهز كتفيها: أجل فهم السبب في عيشنا داخل كهف بعيد عن النور.
شعرت إيبونين بالإستياء من هذا لتقول بابتسامة مضطربة: لكن نحن لسنا سيئين، لا يمكننا إيذاء كائنات لطيفة مثل البنينور.
ابتسمت سام لتقول: أعلم هذا.
«كيف تعلمين؟». سألها هاري بحذر لتجيبه:
-أستطيع معرفة الأشرار من الأخيار لو كنتم أشرار لما حكيت لكم ولم أكن لأحضركم للقرية، وها قد وصلنا.
حال ما عبروا البوابة الفاصلة بين القرية وباقي الكهف، فتحوا فاههم من شدة جمالها، بيوتهم مصنوعة من البسكويت، وأشجارٌ من غزل البنات ثمارها قطع حلوى، نهر من الشكولا والأرض من السكر البني ليصبح أشبه بالرمال.
«واو، ماهذا!»
هذا كل ماستطاعوا قوله من شدة إعجابهم بالقرية.
«سام أين كنتي؟ ولما هم هنا؟».
جاء الصوت من قزمٍ بدى عليه كبر السن.
هرولت سام باتجاهه قائلة: سيدي نوبر… لتهمس بباقي الكلام في أذنه.
هزَّ رأسه حال ما انتهت من كلامها، أمسك لحيته البيضاء بيده يمسح عليها صعودًا ونزولاً وكأنه يفكر ليقول: مرحبًا بكم في قرية البنينور، ستكونو ضيوفنا لهذا اليوم، هيَّا أعدوا لهم أشهى حلوانا.
لتقوم سام بأخذهم في جولة داخل القرية وكم اعجبوا بها وأن كل شيء فيها من الحلوى.
أنهى الجميع تحضير الحلوى لضيوفهم، وقامو بوضع الأطباق على الطاولة.
«تفضلوا، نتمنى أن تنال حلوانا اِعجابكم وخذوا راحتكم في الأكل». تكلم السيد نوبر بلابقةٍ وابتسامةٍ لم تفارق وجهه.
«سأترككم الآن، سام اِتبعيني».
ليخرج كل من سام ونوبر من البيت.
همّ الجميع في تناول الحلوى بتلذذ شديد فقط كانت رائعة الطعم، فطائر التوت، وكعك من الشكولا، وحلوة الطبقات بمربى الفراولة و بسكويت الموز والكثير الكثير من الأصناف.
«كم هي لذيذة لم أذق مثلها من قبل». تحدث جون وهو يقضم قطعة أخرى من الكعك.
تأملت كرستين البيت الجالسين فيه، حتى الأثاث مصنوعٌ من البسكويت، من الطاولة والكراسي وحتى الكنبة، رأت بعض الزينة وأجزمت أنها من الحلوى وقطع شكولا منتشرة هنا وهناك، غير أن الأرضية هي الأخرى بلاطها من الشكولا البيضاء.
لمحت إيبونين من النافذة سام ونوبر واقفان في الخارج يتحدثان منذ مدة، ليشدها الفضول في معرفة عن ما يتحدثون. وقفت وفتحت الباب ببطئ كي لا ينتبه أحدٌ لها، خرجت وتركت الباب شبه مفتوح لتقف خلف إحدى الأشجار تنصت لكلامهم.
شعرت ببعض الدوار، لكنها تحمالت واسندت نفسها على الشجرة لتسمع كلامهم والذي سعقها ليجعلها ترتجف.
«إسمعي سيبدأ مفعول المخدر بعد لحظات، إحرصي على نوم الجميع وبعدها قومي بأخذهم لمكاننا المعتاد لنبدأ حفلتنا، لم نتناول لحم البشر منذ مدة».
بدأت دقات قلبها تزداد من الخوف، وشعرت أنها ستسقط في أي لحظة، حاولة المشي والدخول للببت حتى تحذر رفاقها، أصدر احتكاك حذاءها مع الأرض صوت لفتت به انتباه الواقفين جنبها.
«أمسكوا بها بسرعة قبل أن تهرب». صرخ السيد نوبر على مساعديه.
أسرعت إيبونين في السير ودخلت لتجدهم قد دخلو في سبات عميق بالفعل، كادت أن تسقط لكنها أعادت تثبيت تركيزها على إنقاذ أرواحهم، حركت كرستين التي نامت ونصف جسدها على الطاولة.
«أرجوكي كرستي اِستيقظي علينا الهرب، هيَّا سيليا وأنت جون هيًا...» لم تستطع التحمل لتغمض هي الأخرى جفناها باستسلام.
في غرفةٍ مظلمة لا ينيرها سوى فانوس واحد، ورائحة الدماء والجيفة تفوح منه، سكاكين متسخة بالدماء موضوعة على جنب والأرض تحول لونها للون الأحمر القاتم.
فتحت إيبونين عينيها، وشعرت بصداع داهمها، تنقلت بنظرها للأرجاء تحاول تذكر ماحصل وأين هي.
اِستفاقت كل من كرستين وسيليا وجون، وكان حالهم نفس حال إيبونين.
«أين نحن ولما أنا مقيد؟».
سأل جون بصراخ، وهو يحرك قيد يده أكثر من مرة محاولاً فكه.
بدأت سيليا في البكاء من حالهم، بينما أخذت كرستين نفسًا عميقًا محاولةً الهدوء لتقول: كيف وصلنا هنا وما الحل، وأين هاري؟
إلتفت الجميع يبحثون عن هاري في الأرجاء لكن لا وجود له.
«أيعقل أنهم أكلوه؟».
همست إيبونين بصدمة ليصل هذا لمسامع البقية، بدأت سيليا بالنحيب بصوتٍ عالٍ بينما كرستين تجمدت في مكانها ولم تكن لها ردة فعل، أمّا جون فأصبح يصرخ بغضبٍ ولم يترك شتيمةً إلاّ وقالها.
«ماذا تقصدين إيبونين؟».
سألت كرستين، لكن إيبونين لم تلبث لتجيبها حتى دخل حاكم القرية نوبر رفقة سام ليجيب عن سؤالها وابتسامة ماكرة رسمت على وجهه: سهلة نحن البنينور شياطين من حلوى آكلين لحم البشر، وستكونون وجبة طعامنا لهذه الليلة، هيَّا سام سنبدأ بتلك الشقراء خذيها للغرفة الأخرى.
أعادت إيبونين كلمته الأخيرة: «شياطين من حلوى!».
أشار ناحية سيليا التي صرخت وبدأت بالبكاء والمقاومة حال ما بدأت سام بسحبها للخارج.
مقاومتها أزعجت القزمة لتقوم بخرز السكين أسفل بطنها، فزع الجميع من ماحدث وبدأت كلٌ من إيبونين وكرستين في الصراخ والبكاء،
«أرجوكم ساعدوني» صرخت سيليا برجاءٍ مطالبةً من رفاقها المساعدة لكن ما من حيلة، وبدأ صوتها بالإختفاء بمغادرتها للغرفة.
«سيكون دورك القادم فلتستعد». وخرج هو الآخر خلف سام بعدما وجّه كلامه لجون.
«يا إلاهي سنموت الواحد تلوى الآخر» همست إيبونين والذعر قد استحوذ عليها بالكامل.
وجهة كرستين نظرها ناحية جون قائلةً بخوف: ماذا ستفعل، دورك هو التالي؟
ابتسم بسخرية ولم يتكلم عندما سمعوا صوت صراخ سيليا.
مرت فترة من الزمن لم يعرف أيٌ منهم كم مدتها، ليدخل نوبر وسام مرةً أخرى وكلٌ من أيديهم ووجوههم ملطخة بالدماء، وقد ظهرت أنيابهم الحادة.
«والآن دورك، أتمنى أن يكون لحمك لذيذ مثل صديقتك». ليضحك نوبر في آخر كلامه.
قامت سام بسحبه مثلما فعلت مع الأخيرة، واغتنم جون فرصة اقترابها منه ليبصق في عينها مباشرة، أفلتته سام وقامت بمسح عينها بحركة سريعة وكأن حمضًا قد رشّ عليها وليس لعاب.
في تلك الأثناء حاول جون الزحف على بطنه للهرب كون كلًا من قدميه ويديه مربوطة، إلتفت للخلف حتى يرى إن كانت سام تلحقه، ولم يفهم شيء حتى شعر بالخنجر قد دخل في عينيه ليصرخ بألم شديد والدم قد سال منها.
صرخت الفتاتان برعب من المشهد المخيف.
«لا تحاول الهروب، هذا درس لكم». وخرج نوبر والغضب قد سيطر عليه، بينما عين سام أصبحت منكمشة وكأنها حرقت وتبعته هي الأخرى.
إلتفت إيبونين من حولها تبحث عن أي شيء حاد تستطيع فك وثاقها به، لمحت قطعت حديديةً مرميةً على مقربةٍ من كرستين لتقول لها: كرستي أعطيني تلك القطعة، علينا الهروب قبل أن يحل دور إحدانا.
بحثت عنه كرستين بعينيها ولمحتها قريبتًا منها، بسطت قدمها وحملتها لترميها جنب إيبونين.
«حتى لو فككت الحبال لا يمكنك الهروب من تلك الشياطين الصغيرة». نبست كرستين باستياءٍ وفقدان أمل.
أما إيبونين فمازالت تحك القطعة على الحبل وهي توشك على قطعه: المهم سأحاول لن أسمح بأن أأكل من طرف شياطين الحلوى.
«ونجحت». هتفت بفرحة حال ما فُكّ صراحها. وكان هذا مع دخول نوبر وسام مرةً أخرى.
حاولت إبقاء يدها في مكانها خلف ظهرها وكأنها لا تزال مربوطة.
«والآن دور صاحبة الشعر الأحمر». وجه نوبر أنظاره اتجاه إببونين، لكنّ سام قاطعته وهي تقول: لا من فضلك سيدي فلندعها لتكون التحلية أجزم أنها ستكون لذيذة.
«حسنًا كما تشائين أحضري إذن السمراء وتعالي».
سحبت سام كرستين لتخرجها ويكون دورها في الموت وسط صراخها وترجيها بأن يتركوها.
بقيت إيبونين شاردة وعينيها الزمردية تتأرجح من شدة الخوف، تماسكت وأعادت اتزان ثقتها ورغبتها بالنجاة، قامت بقطع الحبل الملفوف حول قدمها ووقفت تلتف حفل نفسها تبحث عن مخرج آخر غير الباب، لكنها لم تجد.
توجهت نحوه وأطلّت برأسها، لم تجد أحدًا لتهرب بأقصى سرعة تلتفت بين الفينة والأخرى يمينًا وشمالاً ولا نزال تمسك تلك القطعة الحديدية في يدها لتدافع بها.
«هناك هاربة أمسكوها».
سمعت صراخهم والتفتت للخلف لترى مجموعة من الأقزام تتبعها، وفي تلك اللحظة تعثرت بإحدى الحلوى لتسقط على نفس الجرح، اِنكمشت على نفسها لتمسك سافها بألم، وهي ترى أن الأمر قد انتهى، موتها قريبٌ ومحتم وستقتل وتأكل مثلما حل برفاقها.
صرخت بقوة حال ما أمسكت من شعرها ليجذبها أحدٌ باتجاه الموت…
إنتهى
3848كلمة
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro